نصحو هذه الأيام على كوارث وعجائب هذا الزمان الذي إن وصفناه بالأبله كان قليلا في حقه، خاصة في زمن اللارقابة وقلة الحياء وسهولة الإدعاء، والمؤامرات والسفاهة التي جعلت للنطيحة والمتردية شأنا ورقما متصدرين عالمنا.
وجعلت من بلداننا وشعوبنا مسرحا لمخططات كل من هب ودب ودائرة لإدارة صراعاتهم فيها ومن خلالها، وجعلت من ابن شاه إيران المخلوع الذي لا يكاد يفقه ألف باء السياسة ولا حتى الأصول، جعلته رقما يريد أن يصارع وينافس قامات المناضلين الذين لا تزال رائحة سجون أبيه في أجسادهم التي لا تزال تحتفظ بدورها بآثار التعذيب على يد مرتزقة وجلاوزة أبيه.
لا زالت شواهد التاريخ قائمة لم تُمح وإن أراد سيذكر له عرب إيران ماذا فعل بهم وسيذكر له الفرس والترك والأكراد والبلوش واللر وباقي مكونات الشعب الإيراني ماذا فعل بهم، كذلك ستذكر له دول وشعوب المنطقة ماذا فعل أبيه (والولد على سر أبيهيرى في إيران تركة عائلية يريد استردادها أو مشاركة خلفاء أبيه فيها).
وإن أراد أيضا فسيذكر له الشعب الإيراني ماذا فعل هو وفلول أبيه من تآمر مع الملالي ضد الشعب الإيراني، والأدهى من ذلك كله أن ابن الشاه (المخلوع بثورة شعبية تاريخية عارمة وليس بإنقلاب) أي أنه سقط شعبيا وسقط كحاكم طاغية وبارك الشرق الأوسط كله سقوطهيريد أن يحدد اليوم من هي القوى الشعبية وغير الشعبية على الساحة الإيرانية ومن يصلح ومن لا يصلح لركوب سفينة النجاة التي سيقودها هو من أجل الخلاص ولا ندري أمن أجل خلاص إيران وشعبها يجمع التوكيلات أم من أجل إنقاذ الملالي ومشاركتهم في استعباد الشعب الإيراني.
والحقيقة هي أنه من أجل إنقاذ الملالي ذلك لأن التاريخ أثبت أنه لا علاقة له بإيران إلا بما يتعلق على افتراضهم بأنها تركة جده وأبيه وفيها المُلك والنعيم وبعودته هو وفلول أبيه ومشاركتهم المُلك والسلطان والنفوذ والمال مع أقرانهم الملالي خلفاءه سيتحقق له مايريد وينتقم من الشعب الإيراني الذي أخرجه وأبيه من جنتهم على الأرض خاصة في ظل مخاوف الغرب من سقوط الملالي ومن مجيئ حكومة وطنية إيرانية حقيقية تصنع للشعب خلاصا حقيقيا وتستعيد للدولة الإيرانية تاريخها وكرامتها وتراثها العريق الذي أهانه ومسخه الشاه وخلفائه الملالي !!
وعلى الجانب الآخر هل يُعقل أن يكون خلاص الشعب الإيراني ما هو فيه يكون على يد ابن جلاده الذي لا يرى في الشعب سوى أنه مليكة له..حقيقة هزُلت وساء المصير إن كان هذا هو مصير الشعب الإيراني مجددا، تقول العرب (إن شر البلية ما يضحك) وتقول أيضا (إن لم تستح فاصنع ما شئت) وفعلا صدقت العرب فيما قالت.
في زمانه كان أبوه لا يمثل سوى أقلية قليلة من الشعب تنحصر في المقربين منه ومن أسرته وذوي المصالح والمنافع الذين لا يؤمنون لا به ولا بوطن فلا يؤمنون سوى بما يتعلق بمصالحهم وتنفذهم.
أما عامة الشعب فلم يكن يربطه بهم رابط ولا يربطهم به سوى أنهما هو وأبيه قدر مشؤوم مكنه الغرب أيضا منهم، أما لمن أراد أن يعرف أين كانت بوصلة الشعب الإيرني السياسية في عهد محمد رضا بهلوي فليقرأ عن المئة عام الأخيرة من تاريخ إيران ليجد أن الشعب الإيراني كان مع الدكتور محمد مصدق ولم يستطع الشاه التخلص من الدكتور مصدق رحمة الله عليه إلا بانقلاب رعاه وأداره الغرب، ولم يكن الشعب مع الشاه وأبيه ولا مع من سيليهم من هذه الأسرة التي استعبدت الشعب وكذلك لن ينسى الشعب تاريخ حقبتهم المظلمة ودمويتهم ولا سجونهم وإعداماتهم وظلمهم وأبنائهم الذين أعدموا الشاه أو قضوا زهرة شبابهم في سجونه ولا زالوا أحياء يرزقون وبعضهم مسجون الآن في سجون الملالي خلفا الشاه أيضا، وعليه فإن كان الحضور الشعبي لأبيه بهذه الضآلة فكيف لأمثاله أن يقيم من يملك قوة شعبية على الأرض ومن لا يملك..ألم يراجع هو وفلول أبيه سيرتهم الماضية والحاضرة خاصة تلك التي عجت بها مواقع التواصل الاجتماعي بصورهم وأفلامهم وبزخهم وحفلاتهم الماجنة التي لا تليق بمن يرى في نفسه أميرا إيرانيا ووريث عرش باطل، ثم من تلك القوى النضالية التي سيتحاور معها لتلتف حوله.
لا نظن أن هناك تيار مناضلا واحدا سيتحاور ويلتف حوله في توجهه، أشعب إيران فقير في قواه الثورية والنضاية إلى هذا القدر حتى يتزعم ابن جلاده مشروعا لخلاصه..هل خلت الساحة من مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ومن القوى الثورية الكردية والتركية والبلوشية والعربية وسائر القوى الإيرانية الأصيلة المناضلة ولم يبق إلا هو وفلول أبيه ليمثلوا الشعب الإيراني ويبحثوا له عن خلاص، ألم يسمع هو بنفسه ماذا يقول الشعب الإيراني داخل وخارج إيران ..ألم يسمع جواب الشعب بشعار (الموت للظالم سواء كان الشاه أو الملالي) ألم يع أن أدبيات الثورة التي قامت وخلعت أبيه لا زالت قائمة، إن غدا لناظره قريب.
د.محمد حسين الموسوي / كاتب عراقي