في الوقت الذي تقاتل فيه قوات أذربيجان وأرمينيا في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها، يشعر الكثيرون من الأرمن اللبنانيين الشباب وكبار السن بأنهم مدعوون للذهاب ودعم مواطنيهم في أرمينيا.
يستعد فاش (40 عاما) وهو أب لطفلين، لمغادرة دياره في ضاحية برج حمود اللبنانية الأرمنية في بيروت للسفر إلى أرمينيا ومحاربة القوات الأذربيجانية.
وقال فاش، الذي طلب عدم ذكر اسم عائلته لأسباب أمنية: “بالنسبة لي ولأرمن آخرين، من واجبنا الذهاب والقتال. أنا أذهب مع الاعتقاد الوحيد أن هذه أرضنا”.
بدأ الخلاف منذ عقود على المنطقة التي يسيطر عليها انفصاليون أرمن مسيحيون، لكن الأمم المتحدة تعتبرها جزءا من أذربيجان ذات الأغلبية المسلمة.
وخاضت أذربيجان وأرمينيا حربا بسبب ناغورني قره باغ في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي، مع تحول البلدين إلى دولتين مستقلتين بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.
وأوضح فاش أنه والآخرين الذين يغادرون لبنان للذهاب إلى أرمينيا، تحملوا نفقات سفرهم، وأنه لا ينتمي إلى أي مجموعة سياسية.
وقال فاش: “أنا أسافر على نفقتي الخاصة”. وأضاف أن نحو 170 لبنانيا أرمنيا غادروا للانضمام إلى القتال.
ويزيد عدد اللبنانيين الأرمن على 156 ألف شخص، أي نحو 4% من سكان لبنان، بحسب إحصائيات غير رسمية.
وذكر رافي، وهو لبناني أرمني آخر، أن الأرمن ينضمون إلى القتال من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك فإنه عندما يصلون إلى يريفان، عاصمة أرمينيا، لا يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية على الفور، على حد قوله.
وقال رافي: “إذا كان لديك تدريب عسكري سابق، فإنك تحصل على تدريب لمدة خمسة أيام على الأقل من جانب الجيش الأرميني، وهو الذى يقرر الموقع الذي يرسلونك إليه”.
كما قال: “لا يشغلني أين سوف يضعوني، حتى لو جعلوني أقشر البطاطس للجيش، سأفعل ذلك، طالما أنني هناك أساعد سكان ناغورني قره باغ”.
ويدرك رافي وفاشي المخاطر التي ينطوي عليها قرارهما بالانضمام إلى القتال، لا سيما أن رجلين لبنانيين قُتلا أثناء المعارك، وأصيب عدد آخر.
وأعلن الرجلان أن دعم تركيا لأذربيجان هو ما دفعهما للانضمام.
وقال فاش: “ذبح الأتراك العثمانيون شعبنا (الأرمن) في عام 1915. ونحن نقول للأتراك أن اليوم مختلف عما كان عليه الوضع في عام 1915”. وأضاف: “لن ندع (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان يرتكب إبادة جماعية أخرى ضد شعبنا”.
وفي حين أن العديد من الدول تقر بأن عمليات القتل الجماعي للأرمن على يد القوات العثمانية في عام 1915 كانت إبادة جماعية، تعارض تركيا ذلك، وتقول إنه لم تكن هناك محاولة ممنهجة للقضاء على الشعب الأرميني المسيحي.
وقالت تركيا إنها سوف تدعم أذربيجان بكل الوسائل الممكنة في الصراع الحالي لكنها نفت تورطها المباشر.
يشار إلى أن المزيد من الأشخاص في ضاحية برج حمود في بيروت، حيث يمكن رؤية علم أرمينيا الأحمر والأزرق والبرتقالي معلقا على كل شرفة، على استعداد لتقديم دعمهم.
وقال سركيس جودريان، وهو صائغ عمره 70 عاما: “سوف أذهب للقتال إذا احتجت إلى ذلك… نحن بحاجة إلى التجمع من جميع أنحاء العالم، نساء ورجالا، لضمان النصر”.
وأعلنت سيتا ميخاليان، وهي امرأة تبلغ من العمر 60 عاما، أنها مستعدة لتقديم الرعاية الطبية.
وقالت: “بالنسبة لي، سأذهب وأساعد في المستشفيات وأقدم المساعدة الإنسانية لأنني لست مدربة على القتال”.
وأوضحت ميخاليان: “نحن دولة صغيرة وليس لدينا أي خيار آخر سوى الذهاب والمساعدة من أجل كسب هذه الحرب”.
نقلا عن القدس العربي