يتوجه ملايين الناخبين الألمان صباح غد الأحد إلى صناديق الاقتراع في ولايات البلاد الـ 16، لانتخاب برلمان جديد تنبثق عنه حكومة جديدة، وسط ترجيحات بفوز الاتحاد المسيحي بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل.
ويحق لنحو 62 مليون شخص من أصل 82 مليونا هم إجمالي تعداد البلاد، المشاركة في الاقتراع غدا، وانتخاب أعضاء البوندستاغ (البرلمان) الـ 630 من بين 4 آلاف و828 مرشحا يمثلون 42 حزبا في البلاد.
وسجلت المشاركة الحزبية في انتخابات هذا العام رقما قياسيا، حيث لم يسبق أن شارك 42 حزبا في الانتخابات منذ توحيد شطري البلاد عام 1991، بحسب مجلة “دير شبيغل” الألمانية.
ويشارك في انتخابات هذا العام 16 حزبا جديدا، تخوض تحديا صعبا مع العديد من الأحزاب الصغيرة القديمة، من أجل حصد 5 % من الأصوات، وهي عتبة دخول البرلمان.
وعادة لا تنجح الأحزاب الصغيرة في الحصول على هذه الأصوات ومن ثم دخول البرلمان، وتنحصر الأصوات بين الأحزاب الكبيرة وهي “الاتحاد المسيحي” (يمين وسط)، والاشتراكيين الديمقراطيين (يسار وسط)، واليسار، والخضر (يسار)، بالإضافة إلى حزبي البديل (يمين متطرف)، والديمقراطي الحر (يمين وسط)، اللذين لم ينجحا في دخول البرلمان الذي انبثق عن 2013، لكن يملكون حظوظا كبيرة في انتخابات هذا العام.
وتتبع ألمانيا نظام انتخاب مختلطا، حيث يصوت كل ناخب مرتين، أولاهما لاختيار سياسي يمثل دائرته الانتخابية، والثانية لاختيار قائمة الحزب الذي يؤيده. ويتم انتخاب نصف مقاعد البرلمان بشكل مباشر، فيما يتم انتخاب النصف الآخر عبر قوائم الأحزاب.
– مخاوف من ضعف الإقبال
وفق الإذاعة الألمانية، فإن هناك مخاوف من تراجع إقبال الناخبين على انتخابات هذا العام، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن نحو 36 % من الناخبين لم يحددوا موقفهم من الانتخابات قبل يوم من إجرائها.
ويرى مراقبون أن تراجع الإقبال الانتخابي، إن حدث، يخدم حزب “البديل” اليميني المتطرف، الذي ينتظر أن تصوت له كتلة متحفزة للتصويت ولن تضيع فرصة وضع الحزب في مقدمة خريطة أحزاب البلاد.
وبلغ الاقبال على التصويت في انتخابات عام 2013، 71.5 % من إجمالي الناخبين، ما يعني أن 28.5 % من الناخبين المسجلين لم يدلوا بأصواتهم في تلك الانتخابات.
– استطلاعات الرأي ترجح ولاية رابعة لميركل
رجحت آخر استطلاعات للرأي، نشرت اليوم السبت، وأمس الجمعة، فوز الاتحاد المسيحي بأكثرية الأصوات، بفارق كبير عن الاشتراكيين الديمقراطيين، فيما أحرز حزب البديل مفاجأة وحل في المركز الثالث.
ووفق استطلاع أجرته مؤسسة “أمنيد” لقياس الرأي العام (خاصة)، ونشرت نتائجه اليوم، فإن الاتحاد المسيحي يحوز 35 % من نوايا التصويت، يليه الاشتراكيون الديمقراطيون بـ 22 %، ثم البديل بـ 11 %، ثم اليسار بـ 10 %، والديمقراطي الحر بـ 9 %، والخضر بـ 8 %، فيما حصلت أحزاب صغيرة على باقي الأصوات، بحسب ما نقلته صحيفة “دي فيلت” الألمانية.
وأمس، أظهر استطلاع لمؤسسة “انسا” لقياس اتجاهات الرأي العام (خاصة) نشرته صحيفة “بيلد” واسعة الانتشار، احتلال الاتحاد المسيحي صدارة السباق الانتخابي بـ 34 % من نوايا التصويت، يليه حزب الاشتراكيين الديمقراطيين (يسار وسط) بـ 21 %، ثم حزب البديل (يمين متطرف) بـ 13 %، ثم اليسار بـ 11 %، والديمقراطي الحر (يمين وسط) بـ 9 %، ثم الخضر (يسار) بـ 8 %، فيما حصلت أحزاب صغيرة على باقي الأصوات.
ويبلغ هامش الخطأ في هذين الاستطلاعين ما بين 2.5 و3 %.
وبصفة عامة، أظهرت الاستطلاعات ابتعاد الحزبين الكبيرين الاتحاد المسيحي والاشتراكيين الديمقراطيين، عن نتائجهما في انتخابات 2013، حيث حصلا على 41.5 % و23 % على الترتيب.
وفي حال إفراز انتخابات الغد نفس نتائج استطلاعات الرأي، سيكون على ميركل بدء مفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي جديد بدءا من الإثنين (غداة الانتخابات)، لكن المفاوضات لن تكون سهلة، في ظل الخلافات السياسية بين الاتحاد المسيحي والاشتراكيين الديمقراطيين (شريكي الائتلاف الحاكم الحالي) في ملفات الضرائب وزيادة ميزانية التسليح والإنفاق على التعليم.
بالإضافة إلى استبعاد ميركل في أكثر من تصريح خلال الحملة الانتخابية تحالفها مع البديل اليميني المتطرف، أو اليسار المتطرف، ثالث ورابع الأحزاب في استطلاعات الرأي، بحسب دير شبيغل.
– نهاية حملات انتخابية صاخبة
تعتبر انتخابات الغد تتويجا لحملات انتخابية صاخبة استمرت نحو شهرين، تبادلت فيها الأحزاب الكبيرة الانتقادات في ملفات أبرزها التسلح والأمن واللاجئون، وعزز فيها حزب البديل خطه السياسي المعادي للاتحاد الأوروبي والإسلام والمهاجرين.
وكانت أبرز نقطة خلاف بين الاتحاد المسيحي والاشتراكيين الديمقراطيين تتمثل في زيادة الإنفاق العسكري الذي ضمنه الاتحاد في برنامجه الانتخابي، ويصر عليه.
ويرى الاتحاد المسيحي أن زيادة الإنفاق العسكري إلى 2 % من الناتج المحلي الإجمالي (حاليا 1.26 %) يعد تنفيذا لاتفاق وافقت عليه برلين في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ولا يؤثر على أي بند من الميزانية الألمانية، في حين يدفع الاشتراكيون الديمقراطيون بأنه سيأتي على حساب الإنفاق في ملفات التعليم والصحة.
وكان تعرض ميركل لصفارات الاستهجان والرشق بالطماطم في أكثر من مكان بالبلاد، أحد أبرز أحداث الحملة الانتخابية.
وتعرضت ميركل لصفارات استهجان خلال فعاليات نظمت في عدة ولايات أبرزها ايسن، وبافاريا، وساكسونيا (شمال) خلال الشهر الماضي.
ويقف وراء صفارات الاستهجان في فعاليات ميركل الانتخابية، متظاهرون منتمون للأوساط اليمينية المتطرفة، وخاصة حزب البديل، بحسب صحيفة “دي فيلت” الألمانية.
يذكر أن البوندستاغ (البرلمان) عقد جلسته التأسيسية في مدينة بون (وسط) في سبتمبر 1949، وتجرى انتخاباته كل أربع سنوات، ويشكل قائد الحزب الفائز بأكثرية أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية، الحكومة الجديدة، ويصبح مستشارا للبلاد.
الأناضول _ حسام صادق