أثارت تصريحات مسؤولين روس حول إيقاف شحنات الأسلحة الروسية لسوريا تساؤلات بشأن أبعاد هذا التغير اللافت، ولا سيما أنه يتناقض مع تزايد الوجود العسكري الروسي وإرسال روسيا قطعا من أسطولها إلى الشواطئ السورية.
وعبر مدير الهيئة الفدرالية الروسية للتعاون العسكري والتقني ألكسندر فومين الأسبوع الماضي عن أسفه لتوقف توريدات الأسلحة الروسية إلى سوريا، موضحا أن روسيا أرسلت كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات لجيش النظام، وأن الأوضاع الصعبة بسبب احتدام المواجهة لا تسمح بتوريد المزيد.
وتتناقض هذه التصريحات مع إعلان سابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تزويد النظام السوري بمعدات عسكرية-تقنية لدعمه في مواجهة الإرهاب، وأن بلاده عازمة على مواصلة هذا الدعم، داعيا الدول الأخرى للمساهمة.
وسبق أن بررت روسيا تزويد نظام بشار الأسد بكميات كبيرة من السلاح أثناء الثورة السورية بأن هذا يأتي تنفيذا لعقود موقعة في وقت سابق، وعندما شعرت أن النظام يوشك على السقوط أمام تقدم المعارضة المسلحة قررت إرسال طائراتها الحربية، ثم قواتها البرية، وها هي اليوم ترسل أساطيلها البحرية.
تعليقا على التحول في الموقف الروسي، رأى المحلل العسكري فيكتور ليتوفكين أنه يأتي موافقا لقرارات الأمم المتحدة بحظر توريد السلاح إلى مناطق النزاعات المسلحة، مع أن روسيا قدمت كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر لسوريا سابقا، وجيش النظام لا يعاني من نقص التسليح.
وأضاف أن الأنباء التي تتحدث عن عدم مقدرة نظام الأسد على تسديد أثمان الأسلحة الروسية غير واقعية، فللسداد طرق عديدة غير المال، مثل السماح بوجود قواعد عسكرية على الأراضي السورية، وتوفير الموانئ السورية والتسهيلات الأخرى.
من ناحية أخرى، رأى رئيس مركز التنبؤ والتحليل العسكري الروسي أناتولي تسيغانوك أن قرار إيقاف توريد السلاح يعود إلى أربعة أسباب؛ الأول هو عدم مقدرة جيش النظام على استيعاب أنواع جديدة ومتطورة من الأسلحة.
وضرب تسيغانوك مثالا لذلك بأن جيش النظام لا يقوم بالصيانة والفحص الدوري وما تحتاجه الآليات من زيوت وقطع غيار لضمان عملها بنفس الكفاءة، ما يؤدي إلى خروجها من الخدمة بعد حين وتركها في أرض المعركة، ثم المطالبة بالحصول على قطع جديدة.
وأضاف أن السبب الثاني هو عدم وجود كوادر عسكرية مدربة على الاستخدام الفعال للأسلحة الحديثة، وإهمالهم للتعليمات الواجب اتباعها للاستخدام الصحيح.
وأضاف تسيغانوك في حديثه للجزيرة نت أن تدريب طواقم قيادة الدبابات والآليات قد يتطلب ستة أشهر، ولا يجوز الزج بالجنود بلا تدريب في المعارك بمعدات جديدة وحديثة، وإلا أصبحت الأسلحة المتطورة مجرد كتل من الحديد المتحركة ولا تقاتل بفاعلية، فيسهل اصطيادها.
وتابع أن السبب الثالث هو غياب الاستراتيجية لدى جيش النظام وانحدار معنويات أفراده وفرار الكثيرين منهم من أرض المعركة تاركين خلفهم معداتهم الحديثة.
أما السبب الأخير فهو عدم مقدرة النظام على تسديد فواتير صفقات السلاح، وعدم وفائه بالتزاماته.
وختم المحلل الروسي بالقول إن القوات الروسية في سوريا لديها من السلاح والعتاد ما يكفيها للاستمرار في القتال والصمود في مواقعها، ولا سيما بعد وصول الأسطول الروسي إلى الموانئ السورية.