ساهم ملف فتح الله غولن وحزب العمال الكردستاني بتعكير العلاقات التركية الأمريكية، واستمرار أزمة هذين الملفين سيقود إلى المزيد من التعقيدات في العلاقات بينهما، ما لم يحدث تغيير جوهري. وهنا نرى بأنّ انتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية قد يُغير هذا الأمر، خصوصا وأنّ ما أفرزت عنه صناديق الاقتراع مغاير لوجهة نظر أوباما، التي كانت تتبناها كلنتون.
كما أننا لاحظنا خلال الحملات الانتخابية، وجود تواصل غير مباشر بين فريق ترامب الانتخابي وبين تركيا، وإرسال رسائل إيجابية متبادلة. وقد سُئل أردوغان عن تصريحات ترامب حول المسلمين وذلك قبل 4-5 أشهر، وحينها قال أردوغان: “لننتظر نتائج الانتخابات وحينها نُعلق”، في الوقت الذي كان يعتقد فيه الخبراء والمثقفون بأنه لا يُمكن وصول هذا الرجل لسدة الحُكم.
تصريح أردوغان المقتضب والمعتدل حول ترامب في ذلك الوقت، دليل إضافي على “حنكة” أردوغان وبصيرته السياسية التي كان يرى من خلالها أنّ احتمال انتخاب ترامب وارد، ولذلك حافظ حزب العدالة والتنمية على بقائه بعيدا عن أجواء التنافس الانتخابي الأمريكي.
وفي المقابل تصرف ترامب في تصريحاته تجاه تركيا خلال حملته الانتخابية باعتدال واحتياط كبير، وأشاد مثلا بوقوف الشعب التركي أمام الدبابات بصدوره العارية يوم 15 تموز/ يوليو، وتحدث عن دور أردوغان القيادي في تلك الليلة أيضا.
وتحدث “مايك بينس” نائب ترامب عن ليلة 15 تموز، مشيرا إلى أنّ ما جرى ناتج عن محور أوباما- كلنتون، وأرسل بذلك رسالة مبطنة إلى العلاقة بين أمريكا وجماعة غولن وزعيمها فتح الله غولن.
نستطيع القول إنّ الإشارات التي حملتها تصريحات ترامب حول تركيا إيجابية، كما أنّ بينس تحدث عن أنّ المسألة السورية لا يُمكن حلها من خلال مواجهة داعش فحسب، بل يرى، كما ترى تركيا، بأنّ أساس المشكلة هو نظام الأسد، ويُدافع عن الرؤية التي تفضي بضرورة ممارسة ضغوط عسكرية على النظام السوري. كما يعتقد ترامب بأنّ على أمريكا مراجعة حجم الضرر الذي لحق في علاقتها بحلفائها مثل إسرائيل وتركيا والسعودية بعد تقاربها مع إيران في عهد أوباما.
في محصلة هذه العوامل، نتوصل إلى نتيجة مفادها بأنّ أسوأ احتمال قادم هو أنْ تأخذ أمريكا وجهة النظر التركية على محمل الجد بصورة أكثر مما كان عليه الوضع في عهد أوباما، واذا أوفى طاقم ترامب بوعوده الانتخابية فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية ستتعاطى مع مواضيع جماعة غولن وحزب العمال الكردستاني بصورة أكثر حساسية.
وعلينا أنْ لا ننسى بأنّ هذا التحليل مبني على تصريحات الحملة الانتخابية، وهذه الوعود لن تصبح حقيقية إلى عندما نشاهدها على أرض الواقع بعد وصول ترامب-بينس لسدة الحُكم.
ترك برس