منذ أواسط التسعينيات من القرن المنصرم، والدول الغربية تعقد المفاوضات تلو المفاوضات مع النظام الايراني ، والهدف من هذه المفاوضات ـ وکما أعرب عن ذلك العديد من القادة والساسة الغربيين ـ هو من أجل إعادة تأهيل هدا النظام والسعي لاندماجه مع المجتمع الدولي والحد من التطرف الذي يسود في نهجه وکذلك تورطه في العمليات والنشاطات الإرهابية، بالإضافة إلى إنه وعن طريق المفاوضات يجري السعي من أجل إقناع هذا النظام بعدم تدخله في بلدان المنطقة وعدم العبث فيها.
طاولة المفاوضات التي رأت فيها البلدان الغربية خيارها الأفضل والأسلم من أجل تحقيق أهدافها، طوال أکثر من 35 عامًا من الجلسات التفاوضية التي تم عقدها مع هذا النظام، من المفيد التساؤل بخصوص ما الذي حققته هذه الجلسات للبلدان الغربية و هل حققت أهدافها أو على الأقل قسما منها؟ ، و ماذا کانت فائدة هذه المفاوضات وهل انعکست بصورة إيجابية عليها؟ ، للإجابة على هذا السٶال يجب مقارنة دور النظام الايراني قبل عقد هذه الجلسات وبعدها، والبحث والتمحيص بخصوص أي الدورين کان الأکثر سلبية على بلدان المنطقة والعالم، وطبعًا فإنه ليس هناك من يمکنه أن يقول بأن هذا النظام قبل عقد جلسات التفاوض معه کان أسوأ وإنه الآن أفضل!
الحقيقة المرة التي بات الساسة الغربيون يعترفون بها على مضض، هي إن سياسة الاسترضاء والمسايرة التي اتبعتها البلدان الغربية مع النظام الإيراني، قد حققت الغطاء الدولي اللازم لهذا النظام لکي ليس يواصل الاستمرار بنهجه فقط بل وحتى يصر عليها ويوسع من دائرتها ، والأسوأ من ذلك، إن سياسة الاسترضاء والمسايرة الغربية مع هذا النظام لم تشجعه فقط على التمسك بنهجه المشبوه والتوسع من حيث نشر نفوذه وهيمنته في بلدان المنطقة وإنما قد وفّرت له غطاءً من الشرعية الدولية التي کان يفتقدها تمامًا لممارسة کل أنواع عمليات القمع والإبادة بحق شعبه ، لکن الأنکى من ذلك کله، إن أکثر وأطول جلسات التفاوض الغربية والدولية التي جرت مع هذا النظام، کانت في عهدي محمد خاتمي وحسن روحاني، والمعروفان بأنهما ينتميان الى ما يسمى بالجناح الإصلاحي، وخلال هذين العهدين، نفذ النظام الإيراني أهم مخططاته التوسعية کما أنه قد قام بالتأسيس لبرنامجه النووي والصاروخي والذي دأب على تطويره سرًّا.
معظم السياسات والمخططات الشريرة للنظام الإيراني قد تم التأسيس لها وکذلك تنفيذها خلال عهدي هذين الرئيسين، وهو مايدل على کذب وخداع مزاعم الإصلاح والاعتدال التي دعا ويدعو إليها هذا النظام وعلى أنها لم تکن إلا سترًا وغطاءً من أجل حماية النظام وتحقيق أهدافه.
الخطآن الکبيران اللذان وقعت فيه الدول الغربية هما : الأول، إن التفاوض مع هذا النظام کان خطأ من الأساس ، أما الثاني؛ فإن الدول الغربية التي کانت تحرص على حماية مصالحها وعلى حماية بلدان المنطقة، قد أهملت أو تجاهلت الدفاع عن الشعب الإيراني ونضاله من أجل الحرية وما يتعرض له على يد هذا النظام، غير إن الأهم من هذا کله، هو أن هذه الدول قد تجاهلت لأسباب تتعلق بمسايرتها للنظام الإيراني التحذيرات التي کان تکررها زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي من عدم جدوى التفاوض مع هذا النظام ومن إن مزاعم الاعتدال والإصلاح ليست إلا محض أکاذيب وإن هذا النظام غير قابل للإصلاح نهائيًّا.
اليوم ، وبعد أن ثبت للعالم کله عدم جدوى التفاوض مع هذا النظام وکذلك فشل سياسة الاسترضاء في تحقيق الأهداف المتوخاة من ورائها، فإنه وبعد أن انکشف الوجه البشع لهذا النظام على حقيقته وخصوصًا بعد أن وصلت عدوانيته و شره إلى حد قيامه بتسميم طالبات المدارس من أجل إرعابهن کيلا يشارکن في النشاطات المعادية له ، فإن البلدان الغربية مدعوة وبإلحاح إلى وقف کل أنواع التفاوض والتواصل مع هذا النظام وکذلك مسايرته والالتفات إلى الشعب الإيراني ونضاله من أجل العرية والتغيير.
هناك ملاحظة مهمة جدًّا يبدو أن الغرب والمسترضين لم ولن يلتفتوا إليها ، وهي أن هذا النظام غير قابل للتعديل ولا يمكن تغييره وجعله ديمقراطيًّا ومتحضرًا، وهو الأمر الذي أعلنته المقاومة الإيرانية مرات عديدة عندما أكدت أن “الأفعى لا تلد الحمام”.
هذا نظام ينتمي الى العصور الوسطى، وأسس قوته في الداخل التي تقوم على القمع والتعذيب والإعدام، وخارج حدوده ينشر الإرهاب ويصدر الأزمات، ويتفاوض ويظهر قوته مع نظرائه بهذه الطريقة، على غرار تدخلاته في دول المنطقة. كما أنه يريد الحصول على قنبلة ذرية لنفس الغرض لإخافة المجتمع الدولي وتعريض السلام والأمن العالميين للخطر.
وللأسف، فإن أطراف المفاوضات مع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران يغضون الطرف عن هذا المعيار المهم للغاية.
في انتفاضة الخمسة أشهر، أظهر الشعب الإيراني للعالم أنه يريد إسقاط هذا النظام واستبداله ببديل شرعي وشعبي. زعماء النظام على علم بهذه القضية واعترفوا بها بطرق مختلفة. هذا هو السبب في أن خامنئي يؤخر دائمًا الإطاحة به من خلال استخدام صمام الأمان الذي لديه ، من بين البدائل الكاذبة والمزيفة التي طرحها خامنئي على المسرح خلال الانتفاضة وقام بالكشف عنها. ومع ذلك، فقد اعترف كل من خامنئي وجميع أعضاء نظامه مرات عديدة أن الخصوم الوحيدين لهذا النظام هم المجلس الوطني للمقاومة وفي مركزه مجاهدي خلق القادرون على قلب هذا النظام وجعل حق بناء المستقبل لأبناء الشعب من خلال انتخابات حرة.
الكلمة الأخيرة هي أن النظام الإيراني لا يفهم لغة أخرى غير لغة القوة، لذلك يجب أن نقول “لا” لهذا النظام وأن نعترف ببديله الحقيقي وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.