تكتب وتغني لتلخص حكاية وطن ومرارة نزوح
“كان وطن صغير، كان يساع الكل، شمسه تشرق من بكير لا بتغيب ولا بتمل” كلماتٌ تكتبها براءة لتختصر الكثير من ألم الهجرة ومرارة فقد الوطن، وتعود لتغنيها بصوتها العذب وحنجرتها التي وهبتها للنشيد للوطن ونقل آلامه، عسى أن يكون صوتها حاضراً ومسموعاً بين زحامِ الآلام وضجيجِ الحروب.
نزحت براءة من ريف دمشق إلى الشمال السوري منذ أكثر من ثماني سنوات، ظروف النزوح الممزوجة بمتاعب الحربِ ومخاطر الطريق لم تنسيها براءة لليوم، وذكرياتُ غوطة دمشق حاضرةٌ في البال دوماً.
يتغيرُ لون وجه براءة ليميل إلى الاصفرار، علاماتُ القلقِ واضحة عليها وهي تحكي إحدى المواقف أثناء نزوحهم وتقول “كنا على حافة الموت، لكن لطف الله شملنا وأنقذنا، خرجنا مشياً باتجاه الأراضي الزراعية لنسمع هدير طائرة فوقنا، وبأعجوبة نجونا من غاراتها وتابعنا المسير رغم أن أقدامنا لم تعد تحملنا، لكننا مجبرون على الهرب من الموتِ المحتم هناك”.
بعد وصول براءة وعائلتها إلى تركيا حاولت النهوض بأقدامٍ متعبة، كان صعباً عليها أن تنسى ما عاشته بريف دمشق، وصعب عليها أيضاً الابتعاد عن وطن تعيشُ لأجله ونادت لأن يتحرر من الظلم والطغيان.
تضيف براءة “لم يكن سهلاً التأقلم في تركيا، لكن اليوم وبعد ثمان سنوات أقول وبكل فخر لقد تخرجت من الجامعة بفرع البرمجة وأنا ابنة سبعة وعشرين ربيعاً، أجل تأخرت عن الدراسة عدة سنوات لكن الأهم أنني وصلت”.
منذ نشأتها ولليوم تحاول براءة أن تكتب وتنشد بما تشعر، فكانت أولى أناشيدها بعد مجزرة، وكتبت بدمع العيون قبل حبر القلم، وأما أناشيدها الأخريات فهن مواقف في الهجرة والنزوح وتقول “لا توجد أنشودة كتبتها تحمل مشاعر تلك الأولى”.
تفخر براءة عند الحديث عن الثورة السورية ونشيدها لها، وتقول “لم أكتب إلا أغاني تخص الثورة وتفاصيلها، ببساطة أنا أغني لقضية أعيش في كل تفاصيلها من الألف للياء، وتقول بأنها مع الفن الملتزم والصوت الذي يغني كلمة الحق عندما يخشى العالم نطقها”.
تضيف براءة بروحها الثورية “فتح باب الحرية في بلد كانت تخشى من آذان الجدران أمر عظيم، والثورة لا يمكن أن تفقد قدسيتها لأي سبب، لم أندم على ما وصلت إليه رغم مآسينا المرعبة”.
تحاول براءة أن توصل صوتها لمتابعيها، أن تكتب وتغني وتلحن في نفس الوقت لكنها لا تبحث عن الشهرة، وتقول بأنها تخاف منها وليست مقصدها لكن هي أشياءُ فاضت بها الروح، وتودُ أن توصل ما تشعر به عن طريق الكتابة والغناء.
لم يقتصر الحال ببراءة أن تنشد ما تكتب فقط، بل تحاول إنشاد قصائد هادفة وأخرى للشام التي هُجِّرت عنها مكرهةً وللوطن كتلك التي أنشدتها مؤخراً “روحي فداؤك قال البعد ياوطني، كفى ضراماً بنفسي المعذبةِ”.
للمزيد من قراءة القصص اضغط هنا .
ابراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع