شهدت مدينتا مصياف و تين السبيل مؤخراً فعاليات ثقافية هامة، تمثلت في ندوتين متخصصتين حول “الهوية السورية” و”الهويات الفرعية”. استضافت الندوتان الدكتور زيدون الزعبي، إلى جانب المدرب الدولي أكرم الأحمد، مستعرضين مسيرة الشعب السوري التاريخية وتطور هويته الوطنية.
سرد تاريخي
في المركز الثقافي بمدينة مصياف، وبالتزامن مع فعالية في بلدة تين السبيل، قدم الدكتور زيدون الزعبي والمدرب أكرم الأحمد محاضرة قيمة تناولت السرد التاريخي للواقع السوري. استعرض المحاضران المراحل المفصلية التي مر بها الشعب السوري، بدءاً من فجر تأسيس الدولة السورية، مروراً بفترة الانتداب الفرنسي، وصولاً إلى العهد الوطني في الأربعينات والخمسينات، وانتهاءً بالواقع الحالي. تركز العرض على الأشكال المتنوعة وغير الثابتة للهوية السورية، مؤكدين على أن هذا التنوع الثقافي والمعرفي كان دوماً مصدر ثراء وجمال للهوية السورية، مانحاً إياها بعداً إنسانياً وحضارياً فريداً.
التنوع قوة للهوية الوطنية
وشدد المتحدثون على أن الهوية السورية الكبرى لم تطغ يوماً على الهويات الفرعية، بل إن هذه الهويات الفرعية كانت ولا تزال ترفد الهوية الوطنية بالتنوع المعرفي والثقافي الجميل. وتم تسليط الضوء على محطات تاريخية شكلت تأثيراً عميقاً في تكوين الهوية الوطنية، مثل مناسبة 8 آذار التي ترمز لقيام المملكة السورية، وعيد الشهداء في 6 أيار الذي يمثل تأسيس الكيان السوري الحديث.
من جهته، ركز الدكتور زيدون الزعبي في حديثه على محاولات إلغاء التاريخ السوري وحصره في حقبة زمنية محددة، معتبراً أن تلك الحقبة “اعتبرت نفسها المؤسس للدولة السورية”. وتحدث الزعبي عن نشأة الدولة السورية وتشكل الهوية، مشيراً إلى دور حزب البعث في محاولة طمس هوية السوريين والتركيز على ما يخدمه، عبر ترسيخ أيام مرتبطة برموز معينة وتغييب رموز وطنية أخرى من مختلف الطوائف.
الدستور مؤشر الاعتراف بالمكونات
كما استعرض الدكتور الزعبي مسيرة الدساتير السورية منذ عام 1920 وحتى الآن. واعتبر أن الإعلان الدستوري الأخير يمثل تقدماً ملحوظاً مقارنة بالدساتير السابقة، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بالمكونات السورية المختلفة.
شهدت الندوتان مشاركة العشرات من أهالي تين السبيل وبرشين ومصياف، ونقاشات ثرية حول أهمية الهوية الوطنية وقيمتها، والدور الذي تلعبه الهويات الفرعية في إثراء النسيج المجتمعي السوري. وتبقى هذه الفعاليات الثقافية مساحة حيوية لاستعادة الذاكرة التاريخية وتعزيز الوعي بالهوية الجامعة.







