لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لجيسون بيرك وزينب محمد صالح حول وصول مزيد من المرتزقة السودانيين إلى ليبيا، مما يفتح الباب أمام حرب طويلة.
وقالا إن مئات من المرتزقة السودانيين انضموا إلى القوات المعارضة للحكومة في طرابلس ودعما لما يطلق عليه الجيش الوطني الليبي بزعامة أمير الحرب خليفة حفتر. وأضافا أن تدفق أعداد كبيرة من المرتزقة السودانيين أثار المخاوف من حرب مستعصية في هذا البلد الذي يعيش حربا أهلية منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. ونقلت الصحيفة عن قادة لمجموعات مسلحة سودانية ناشطة في ليبيا إنهم استقبلوا أعدادا جديدة من المقاتلين لدعم قوات حفتر التي تشن حملة ضد قوات الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس.
وقال زعيم جماعة مسلحة يتمركز في الجنوب الليبي: “وصل عدد كبير من الشباب، وليست لدينا القدرات لاستيعاب مثل هذه الأعداد”.
هناك 3.000 من المرتزقة السودانيين يقاتلون الآن في ليبيا، وهو عدد أكبر مما تم تقديره في الماضي
وقال القادة إن هناك 3.000 من المرتزقة السودانيين يقاتلون الآن في ليبيا، وهو عدد أكبر مما تم تقديره في الماضي. وقال تقرير لمجموعة الخبراء بالأمم المتحدة صدر بداية الشهر الحالي إن التدخل الخارجي يعتبر تهديدا لاستقرار البلد الذي مزقته الحرب. وجاء في التقرير المكون من 376 صفحة أن وجود الجماعات المسلحة السودانية بات واضحا في عام 2019 وقد يقود لحالة واسعة من عدم الاستقرار.
وتعيش ليبيا وسط نزاع بين حكومة معترف بها دوليا وأخرى في الشرق وكل واحدة تحظى بدعم أطراف خارجية. وكان حفتر قد شن حربا خاطفة على العاصمة طرابلس في نيسان (أبريل) على أمل السيطرة عليها، لكنه علق في رمالها وتحولت الحملة إلى حالة من الاستنزاف يقوم كل طرف فيها بقصف الطرف الآخر. وكان حفتر قد أعلن بداية الشهر عن التحضير لساعة الصفر والمعركة الحاسمة للدخول إلى العاصمة.
وفي الوقت الذي تحظى به جماعة حفتر بدعم فرنسي وروسي ومصري وسعودي وإماراتي فإن حكومة الوفاق الوطني تدعمها تركيا وقطر فقط.
وجاء في تقرير الأمم المتحدة أن تركيا والأردن والإمارات قامت وبشكل منظم بخرق الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا، ولم تقم بإخفاء الدعم. وجاء فيه: “لا طرف من الأطراف لديه القدرات الكافية لحسم نتيجة المعركة لصالحه”.
وتعززت قوات حفتر أيضا بوصول مرتزقة من روسيا. وتقول الصحيفة إن عددا من الجماعات السودانية التي تعمل من داخل ليبيا قاتلت في دارفور في عدد من الحروب ضد حكومة الخرطوم. وقال قائد مجموعة مرتزقة إن عددا من المقاتلين الذين وصلوا إلى ليبيا لديهم تجربة في القتال ضد نظام عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في نيسان (إبريل). وقال قائد آخر إن عددا منهم تم تجنيده في السودان فيما سافر آخرون بأنفسهم للمشاركة.
مقاتل: أعرف أننا مرتزقة ولا نقاتل بكرامة وشرف، ولكن هذا أمر مؤقت وسنعود بعد نهاية المهمة
وعبر القادة الذين تحدثت معهم الصحيفة عن أنهم يأملون العودة إلى السودان وقتال الحكومة الانتقالية التي نصبت بعد رحيل البشير. وعلق أحدهم: “أعرف أننا مرتزقة ولا نقاتل بكرامة وشرف، ولكن هذا أمر مؤقت وسنعود بعد نهاية المهمة”. وقال آخر إن المشاركة بالحرب الليبية هي الطريقة الوحيدة للحصول على المصادر الضرورية لمواصلة القتال في السودان. وأضاف أنه لم يتوقع سقوط الديكتاتور العجوز إلا أن نهايته “غيرت المعادلة السياسية”، وأن الحكومة الانتقالية في الخرطوم لا تختلف عن النظام السابق و”لا نعتقد أن البشير قد انتهى، ونحن الآن في ليبيا لكن هناك معارك أخرى تنتظرنا في السودان”.
ونقلت الغارديان عن مسؤول بارز في المرتزقة يقيم في طرابلس أنه ليس هناك جدول زمني لمغادرة ليبيا، إلا أن أي إقامة هنا تظل مؤقتة “فنحن هنا من أجل تأمين القاعدة والسلاح والمعدات العسكرية اللوجيستية الأخرى والعودة إلى السودان”.
ونقلت الصحيفة عن جليل الحرشاوي من معهد كلينغندال في هيج بهولندا قوله إن تدفق المرتزقة قد يكون عامل فوضى على المدى البعيد. وأضاف: “جاء الشباب للحصول على المال، وقد يكون ذلك لمدة عام أو عامين أو أكثر. وفي النهاية سيتوقف القتال وسيبدأون بالعودة إلى السودان”. وهناك تقارير تتحدث عن نشر قوات من قوات الدعم السريع للقتال مع حفتر.
وتحدث تقرير صدر عن الأمم المتحدة مؤخرا عن قوات تابعة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) تم نشرها في ليبيا في 25 تموز (يوليو) 2019، ويعمل المرتزقة السودانيون بالتهريب ونشاطات أخرى. وقال قائد إنه ساهم بتهريب مهاجرين بين السودان وليبيا الراغبين بالهجرة إلى أوروبا.
وقال تيم إيتون من تشاتام هاوس في لندن بأنه يُعرف عن المرتزقة ابتزازهم المال من المهربين والمهاجرين و”هذه وسائل لرفع “الضريبة” من خلال تسهيل أو تعويق” التهريب. وأشار قائد سوداني إلى أن المرتزقة السودانيين ساهموا بالسيطرة على حقول النفط لصالح قوات حفتر. وتم تأكيد هذا الزعم من تقارير للأمم المتحدة أكدت مساعدة المرتزقة السودانيين على تأمين حقول النفط: “بدون مساعدتنا لم يكونوا قادرين على تحريرها، وساهمنا بنسبة 505 من الجهود العسكرية”.
نقلا عن القدس العربي