وجهت شخصيات فلسطينية انتقادات حادة للنظام السوري، على خلفية أنباء تشير إلى موافقة مجلس محافظة دمشق التابع للنظام، على المخطط التنظيمي رقم 105، الذي يقسم المخيم إلى ثلاث وحدات عقارية ويتعامل معه كحي دمشقي، الأمر الذي يهدد الوجود الفلسطيني، وينزع الهوية الفلسطينية عن أكبر مخيمات اللجوء وأكثرها رمزية.
وحسب الأنباء فإن منطقة مخيم اليرموك الواقعة جنوب دمشق، تم تقسيمها إلى ثلاثة قطاعات، حسب نسبة الأضرار التي لحقت بها نتيجة العمليات العسكرية خلال السنوات الماضية، ما يخالف المخطط التنظيمي السابق الذي تم إقراره عام 2004، والذي يحافظ على الوحدة العقارية للمخيم. وقد تعني الموافقة على المخطط التنظيمي إنهاء حالة الخصوصية للمخيم، وعدم السماح لسكانه بالعودة إليه مجدداً.
وقال عضو «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا»، الكاتب السياسي ماهر شاويش، إن المخطط التنظيمي الذي أقرته مؤسسات النظام السوري لمخيم اليرموك، هو إجراء جديد من ضمن سلسلة إجراءات تهدف إلى شطب المخيم بكل رمزيته ومدلولاته الوطنية في الوعي والوجدان الجمعي للشعب الفلسطيني.
وأضاف لـ «القدس العربي»، أنه «منذ نحو عقد من الزمن، والمخيم يتعرض لهذه العملية، وفق أدوات وآليات مختلفة بين القصف والتجويع والحصار والهدم والتدمير، وتهجير أهله بعد معركة دمرت 80 في المئة من بنيانه».
وحول المخطط التنظيمي، قال شاويش إن هذا المخطط ينهي ما تبقى من المخيم ويحوله إلى حي من أحياء دمشق بعد تغيير ملامحه وشطب نصف جغرافيته المعروفة والثابتة منذ آخر مخطط في العام2004. وتابع «لم يعد سراً ولا خافياً على ذي بصيرة أهداف النظام السوري من هذا المخطط، إذ باتت مكشوفة طريقته في التوظيف القذر والتلاعب بالورقة الفلسطينية لتقديم خدمات لمشغليه وتثبيت حكمه على مدار عقود»، معتبراً أنه آن «الأوان لفضحه وإنهاء سردية «الممانعة والمقاومة» التي يعتاش عليها طيلة السنوات الماضية وهذه مهمة كل حر في هذا العالم».
ورأى شاويش أن «تفاصيل المخطط تدل بوضوح على غايته في هذا التوقيت»، معتبراً أن «المطلوب وقفة جادة من كل الجهات المعنية بالشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وهي مسؤولية جماعية لا ينبغي التهرب منها مطلقاً ولاشك سيحاسب شعبنا كل مقصر بهذا الصدد والتاريخ سيسجل ولن يرحم أحد». وقال «لا يمكن إغفال ما يجري من ابتزاز لأهلنا سكان المخيم الذين انتظروا العودة إلى المخيم كل هذه السنوات»، مشيراً إلى أن حالة من الإحباط واليأس تسودان في أوساط سكان المخيم، محذراً من دفعهم بذلك إلى الهجرة بقوله :»لاشك ستشكل دافعاً لهم نحو الهجرة وركوب قوارب الموت في اتجاه المنافي بكل ما تحمل هذه الرحلة من مخاطر وما يحفها من محاذير وتهديدات لهم ولذويهم». وأنهى شاويش بقوله: «يكتب النظام بهذا المخطط فصل من فصول أدواره القذرة عبر إنهاء محطة من محطات العودة إلى فلسطين التي لطالما تبجح بسعيه لتحريرها على حساب مشاريع وخطط التنمية لشعبنا السوري الشقيق».
وقال الكاتب والشاعر الفلسطيني، أكرم عطوة لـ «لقدس العربي» أن تدمير المخيمات في سوريا، وتهجير اللاجئين الفلسطينيين منها، تعد بمثابة ضربة بالصميم لآمال وتطلعات شعب فلسطين بالعودة إلى دياره التي تمّ تهجيره منها عام1948. وأوضح أن المخيمات الفلسطينية في سوريا وفي باقي دول الطوق، هي محطات انتظار واستعداد لتحقيق العودة، ففي هذه المخيمات كان اللاجئون يمارسون وبشكل جماعي الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية كافة وحتى الفنية من غناء ورقص وفلكلور، والتي تحافظ على الهوية الفلسطينية وعلى الانتماء للأرض الفلسطينية وللتاريخ الفلسطيني.
وقال إن «مخيم اليرموك تميز بدمشق عن سواه من المخيمات الفلسطينية، بأنه كان أكبر تجمعٍ للشتات الفلسطيني، ولأنه كان منطلقا للثورة حين تفجرت الثورة الفلسطينية عام 1965، ولأنه سيكون المنطلق الأول للعودة الفلسطينية». وحسب عطوة، فإن الأسباب السابقة مجتمعة، دفعت بالبعض إلى شطب وإنهاء وجود هذا المخيم، بكل ما يمثله من رمزية ودلالات حقيقية تتعلق بالثورة وتتعلق بالعودة.
وفي منتصف العام 2018، تمكنت قوات النظام من السيطرة على مخيم اليرموك، بعد معارك عنيفة مع تنظيم «الدولة»، انتهت باتفاق يقضي بخروج عناصر التنظيم إلى محافظة السويداء المجاورة، فيما جرى تشريد معظم اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه.
نقلا عن القدس العربي