أُوقف طبيب سوري في ألمانيا متّهم بضرب معتقل حتى الموت في بلاده عام 2011، في وقت يلعب القضاء الألماني دوراً متنامياً في الملاحقات ضد تجاوزات نظام دمشق.
وأعلنت النيابة الفدرالية الألمانية المكلفة الملفات الحساسة، في بيان الاثنين أنه تم توقيف علاء م. في 19 حزيران/يونيو في هسن بناء على مذكرة توقيف صادرة عن قاضي تحقيق ألماني، ووُضع قيد التوقيف الاحتياطي.
والطبيب متهم بارتكاب “جريمة ضد الإنسانية” عبر تعذيب متظاهر حتى الموت في 2011 في سجن سري تابع لأجهزة استخبارات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في حمص.
وعمل علاء كطبيب في أحد سجون أجهزة الاستخبارات العسكرية حيث يشتبه بأنه قام اعتباراً من 23 تشرين الأول/أكوبر 2011، بتعذيب رجل اعتقل لمشاركته في تظاهرة ضد النظام السوري.
– ضرب بأنبوب –
وقالت النيابة الفدرالية إنه “بعد +جلسة تعذيب+ أصيب (المعتقل) بنوبة صرع، طلب بعدها سجين آخر من حارس إبلاغ طبيب”.
وتابعت “بعد وصوله قام المتهم الذي كان حاضرا بصفته طبيبا، فجأة بضرب المعتقل بأنبوب من البلاستيك” مضيفاً “حتى بعد وقوعه، استمر علاء م. في ضرب الضحية وركله. وفي اليوم التالي تدهورت حالة المعتقل الصحية بشكل كبير”.
وأضافت “بعد أن طلب معتقلون آخرون رعاية طبية، وصل المتهم مجددا وهذه المرة برفقة طبيب آخر في السجن. وقام الاثنان اللذان كان كل منهما يحمل أنبوباً بلاستيكياً، بضرب المعتقل الذي بات ضعيفاً، ولم يعد قادراً على السير بمفرده، إلى أن فقد وعيه”.
وقالت “قام عدد من الحراس بلف الضحية ببطانية وأخذوه. وتوفي الضحية بعد ذلك”.
وغادر علاء م. سوريا منتصف عام 2015 ووصل إلى ألمانيا على غرار مئات آلاف السوريين آنذاك عندما فتحت المستشارة الألمانية حدود بلادها أمامهم. ومارس الطب هناك.
وكان هذا الطبيب الذي لم يُحدد عمره، موضع تحقيق مشترك قامت به مجلة “در شبيغل” الألمانية الأسبوعية مع قناة “الجزيرة” القطرية استناداً إلى أربع شهادات.
وتعرّف شاهدان فقدا فرداً من عائلتهما تحت التعذيب، عليه بشكل رسمي في صورة.
ونفى محامي المشتبه به بشكل قاطع الاتهامات مؤكداً أن موكله وهو مسيحي، كان ضحية “افتراءات من جانب الأوساط الإسلامية الراديكالية”.
– أول محاكمة في العالم –
لكن في التحقيق الذي أجرته وسيلتا الإعلام، روى طبيبان زميلان له أنه كان يتفاخر بإجرائه عملية جراحية لمعارض جريح من دون تخدير. وقالا إنه رشّ الكحول على الأعضاء التناسلية لمعارض آخر كان في سيارة إسعاف، قبل إشعالها.
وتحدث شاهد آخر عن الضربات التي وجهها إلى رجل مصاب بالصرع أُرغم خصوصاً على وضع حذاء في فمه.
وتقود ألمانيا التي لجأ إليها أكثر من 700 ألف سوري خلال تسع سنوات، الدعاوى في التجاوزات المنسوبة إلى نظام دمشق.
وتستند هذه الدعاوى إلى المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية الذي يسمح للدولة بمقاضاة مرتكبي الجرائم الإنسانية الخطيرة ولا سيما جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن جنسيتهم ومكان ارتكاب هذه الجرائم.
وأطلقت ألمانيا منذ العام 2011 تحقيقاً حول الجرائم المرتكبة في سوريا، وجمعت وثائق وشهادات حول هذه التجاوزات.
ومنذ نهاية نيسان/أبريل، يُحاكم عنصران سابقان في الاستخبارات السورية أحدهما ضابط سابق رفيع المستوى، أمام محكمة كوبلنز لجرائم ضد الإنسانية ولتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، في محاكمة تقدّم على أنها تاريخية لأنها المرة الأولى التي يحاكم فيها متهمون بارتكاب تجاوزات منسوبة إلى النظام السوري.
وفي 18 حزيران/يونيو، قدّم سبعة لاجئين سوريين هم ضحايا أو شهود لعمليات اغتصاب وتعديات جنسية في معتقلات النظام السوري، شكوى في ألمانيا.
وتستهدف الشكوى بالاسم تسعة مسؤولين كبار في الحكومة السورية والاستخبارات الجوية، بينهم جميل حسن أحد المقربين سابقاً من الأسد والرئيس السابق لأجهزة المخابرات في القوات الجوية الذي كان في منصبه حتى عام 2019. وهو بالفعل ملاحق بموجب مذكرة توقيف دولية من ألمانيا وفرنسا. ويشتبه القضاء الألماني بارتكابه “جرائم ضد الإنسانية”.
© 2020 AFP