92شهيدا و 530 مصابا ضحايا القصف الكيماوي الذي شنه طيران النظام الحربي على مدينة خان شيخون, رقم لا ينسى خلّف بعده قصصا لا تنسى أيضا.
السادسة وخمسة وأربعون دقيقة يوم الرابع من نيسان عام 2017 دقت ساعة الصفر في خان شيخون, حاملة الموت والذعر ضمن 15 غارة جوية أحدها كان بصاروخ يحوي غاز السارين السام, حيث بدأت الأعراض تظهر أولاً على الأطفال, كالغيبوبة, توقف القلب, تقلص حدقة العين وخروج الزبد من الفم , وسط غياب القدرة على التعامل في مشافي المدينة وماحولها مع مثل هذه الحالات ولعدم الاستعداد مسبقا لها بعدما أعلن النظام أنه سلّم أسلحته الكيماوية للمجتمع الدولي.
وسط انتظار طويل, وبين مد وجزر لم يحقق مجلس الأمن الدولي أي تقدم بشأن حظر الأسلحة الكيماوية على نظام الأسد,بل مرَّ الأمر كما مر سابقا على الغوطة الشرقية عام 2013, رغم أن هذا القصف يعتبر خرقا لميثاق جنيف ومقررات مجلس الأمن 2118, 2099, 2235, 2254.
عبد الحميد اليوسف هز بكلماته قلوب العالم أجمع عندما قال “أطفالي حلوين ليش ماتوا” فقد عبد الحميد طفليه اللذين لم يتجاوزا العامين, بالإضافة لزوجته, صور عبد الحميد هزت العالم أجمع واستضافه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, ومازال عبدالحميد يسعى جاهداً للتواصل مع الجهات الحقوقية والأمم المتحدة ومع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية, لمحاسبة النظام المجرم على هذه الجريمة, يقول ” لم أنس حتى اللحظة ضحكات أطفالي, كنت أعيش على أمل أن يكبروا أمامي, أنا الآن أتذكرهم كل يوم, فقدتهم أمام عيني ليس كأي فقد بدماء وأشلاء وإنما خنقا بالكيماوي, الكيماوي هذه الكلمة التي أسمعها ولا أعلم أي شعور ينتابني”
أحمد الحلو شاب من مدينة خان شيخون يقول ” كنت أحد المصابين في هذه المجزرة, كنت بعيداً عن المنطقة ولكن عندما توجهنا مع الناس لإسعاف المصابين, المشهد كان مرعباً جداً, الشوارع في منطقة حارة الفرن أو ما بات يعرف فيما بعد بحارة الكيماوي ممتلئة بالجثث, الأطفال يحاولون جاهدين التنفس و أعينهم تبدو غريبة جدا, أول مرة أرى خروج تلك المادة البيضاء من فمهم, بعض الحمام و المواشي افترشت الأرض, حاولت جاهداً أن أحمل الناس وآخر ما أذكره أنني حاولت ان احمل جاري أبو أيمن إلى أحد السيارات، عندما كان يصارع الحياة للبقاء لكن للأسف فارق الجياة, بعدها ماعدت أدرك شيئا واستيقظت بعد أذان العصر في أحد المشافي الميدانية, كان وضعي يرثى له بقيت حوالي 40 يوماً أشعر بصداع في رأسي وبحالة من ضيق التنفس والذهول”.
أما محمد جوهر شاب من مدينة خان شيخون فقد والده ووالدته وابن اخته وابن عمته وزوجته, يقول “كنت في بلدة أطمة شمالي المحافظة عندما سمعت بمجزرة في مدينتي, عرفت من أحدهم ان القصف في حارتنا, حاولت جاهدا التواصل مع أي أحد لكن ما من إجابة, عندما وصلت كان أبي وأمي قد فارقا الحياة وتم دفنهم, واليوم جل ما أتمناه هو أن تتم محاسبة هذا النظام وأن يشهد أولادنا العدالة المنتظرة”
6 أعوام ولا زال الأهالي في خان شيخون يصرون على لفت أنظار ومسامع العالم المتخاذل عن نصرة الحق وعن جريمة قل مثيلها, نظم الأهالي وقفات تضامنية بأعداد قليلة حيث أن أهالي المدينة نازحون بنسبة ٩٠ بالمئة نتيجة القصف المستمر, وها وكل فترة من الزمن يجدد النظام إجرامه بمجزرة أخرى, يذهب ضحيتها عشرات الشهداء ولازال يتربع على عرش طغيانه يمارس هوايته في القتل ويتلذذ بمناظر الدماء, لكن مجزرة الكيماوي كان شهداؤها بلا دماء.
يختم عبد الحميد بقوله “6 أعوام أو 6 أيام أو ساعات أو دقائق لا يغير شيئا في معنى حياتي, خسرت أغلى ما أملك في الحياة, والعالم ينظر إلى المجرم بعين البراءة ولازال طليقا حتى اليوم, يكرر السوريين ” تبآ للإنسانية التي يتشدقون بها وإلى التنديد والاستنكار والقلق الدولي “….
#العدالة _المنتظرة …