دخلت قوات تركية خاصة برفقة المئات من المقاتلين السوريين الذين ينتمون إلى كتائب مختلفة مقربة من تركيا إلى الأراضي السورية صباح الأربعاء في إطار عملية عسكرية تحت اسم “درع الفرات” بهدف “تنظيف” بلدة جرابلس من سيطرة ما يسمى بالدولة الإسلامية، بحسب قول المسؤولين الأتراك و”الحفاظ على وحدة الأرضي السورية”، بحسب تصريح وزير الخارجية التركي.
وجرابلس التي تقع على الضفة الغربية لنهر الفرات، وتبعد 126 كم شرقي مدينة حلب، هي آخر المدن السورية على الحدود مع تركيا يسيطر عليها التنظيم.
والمدينة هي مسقط رأس العقيد المنشق يوسف الجادر (أبو فرات) أحد أوائل الضباط المنشقين عن الجيش السوري والذي قتل أواخر 2012 بعد قيادته معركة السيطرة على “كلية المشاة” في ريف حلب الشمالي.
وليس للمدينة أهمية خاصة سوى أنها كانت البوابة الرئيسة لدخول الأجانب القادمين عبر تركيا للالتحاق بالتنظيم، بعد أن انتزع المقاتلون الأكراد المنضوون في “وحدات حماية الشعب” من التنظيم المناطق الحدودية شرق نهر الفرات.
وكانت المدينة قبل خروجها عن سيطرة الحكومة السورية أواسط 2012 بوابة حدودية رسمية مع تركيا، ويقابلها في الطرف التركي بلدة قرقميش.
وكان عدد سكان جرابلس حوالي 25 ألف نسمة قبل اندلاع الأزمة السورية عام 2011، ولا يعرف حاليا عدد من بقي فيها من سكانها الأصليين وعدد المهاجرين إليها من المدن الأخرى، شأنها في ذلك شأن المدن السورية الأخرى.
وكان تنظيم “الدولة الإسلامية” قد نقل المئات من مقاتليه الذين انسحبوا من منبج الواقعة على بعد 30 كم جنوبي المدينة متخذين المئات من المدنيين دروعا بشرية مما أجبر طيران التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة و”قوات سوريا الديمقراطية” و”مجلس منبج العسكري” على عدم التعرض لقافلة ضمت المئات من الآليات وهي تنسحب من المدينة.
وقد توجه مقاتلو التنظيم إلى جرابلس بينما تواترت الأنباء عن نقله أسر مقاتليه المنسحبين من منبج والمتمركزين في جرابلس إلى مدينة الباب في ريف محافظة حلب الشرقي ومنها إلى مدينة الرقة التي يعتبرها ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية عاصمته.
وتضم قوات المعارضة السورية المشاركة في عملية “درع الفرات” عددا من الفصائل السورية المقربة من تركيا وعلى رأسها “الجبهة الشامية، وحركة نور الدين زنكي، وفيلق الشام، وجيش التحرير، وصقور الجبل، والسلطان مراد، واللواء 51.
وتجري عملية “درع الفرات” بدعم جوي من الطيران الأمريكي وبمشاركة مستشارين عسكريين أمريكيين وبالتنسيق بين الولايات المتحدة وتركيا، بحسب قول مسؤولي البلدين.
لكن أهداف العملية تبدو متباينة، فتركيا التي قصفت مواقع “قوات سوريا الديمقراطية” قبل أيام قليلة تقول إن العملية تهدف إلى تنظيف المنطقة من الجماعات “الإرهابية”. وتلك الجماعات – حسب المنظور التركي – هي “الدولة الإسلامية”، و”وحدات حماية الشعب”، والأخيرة شريكة واشنطن في محاربة التنظيم في سوريا.
وكانت “قوات سوريا الديمقراطية” قد وسعت سيطرتها شمالي بلدة منبج ووصلت إلى مسافة 16 كم جنوبي جرابلس، مما أثار مخاوف تركيا من إمكانية زحفها إلى جرابلس ونزعها من يد التنظيم في إطار مسعى كردي واضح لربط منطقتين كرديتين هما “كوباني” شرق نهر الفرات وعفرين الى الشمال من مدينة حلب.
وكان التنظيم يسيطر على مسافة طويلة من الحدود السورية التركية البالغة نحو850 كم، لكن سيطرته تراجعت إلى 40 كم، وهي المسافة التي تفصل جرابلس عن بلدة الراعي في ريف محافظة حلب الشمالي.
BBC عربي