تركيا وإيران: الرابح والخاسر في الانتخابات الرئاسية الفرنسية

تتجه أنظار المسلمين وخصوصاً في إيران وتركيا هذه الأيام إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إذ برز الموقف من الإرهاب والإسلام في حملات المرشحين الرئاسيين في المرحلة الأولى، فيما لا تزال البلاد تعاني من مخلفات اعتداءات إرهابية راح ضحيتها العشرات، ونجحت السلطات الفرنسية في إحباط هجوم وشيك قبيل الاستحقاق الرئاسي، ما دفع المرشحين إلى إعادة تسليط الضوء على الجانب الأمني في حملاتهم.
وإذ حصل مرشح الوسط إيمانويل ماكرون ومرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان على نتائج تؤهلهما لخوض الجولة الثانية المقررة يوم السابع من الشهر المقبل، فان المرشح الرئاسي الوسطي المستقل إيمانويل ماكرون، الذي صعد نجمه كقوة رئيسية في الحياة السياسية الفرنسية، رغم أنه لم ينتخب قط لمنصب حكومي، قال إنه لن يتخذ أي خطوات جديدة فيما يتعلق بالإرهاب، واستبعد ما وصفه بالسياسات الرمزية، مثل سحب الجنسية الفرنسية من المتورطين في أعمال إرهابية من ذوي الجنسية المزدوجة، وهي سياسات قال إنها ستقسم البلاد.
وأضاف أنه لن يقبل أبدًا أن يوسم الناس بناء على دينهم أو معتقداتهم، كما أنه يرفض أي تعصب على أسس دينية، وقال إن الأمر المهم هو جعل الإجراءات الأمنية المتخذة حاليًّا أكثر فعالية.

ماكرون

يصف بعض الإيرانيين النافذين إيمانويل ماكرون» بأنه ظاهرة فريدة في السياسة الفرنسية والانتخابات الرئاسية» بينما التوقعات تشير إلى احتمال فوزه بنسبة كبيرة.
ماكرون الذي يبلغ من العمر 39 عاما أصبح المرشح الوحيد تقريبا الذي يغرد خارج سرب الأحزاب السياسية التقليدية في فرنسا، وهو يعرف نفسه بالمرشح المستقل الذي لا ينتمي إلى أي من اليمين أو اليسار اللذين تعود غالبية الناخبين الفرنسيين على التصويت لمرشحيهما .
وحول ملف الهجرة والمسلمين أشار ماكرون إلى المهاجرين من أصل جزائري، كما أنه هاجم بشدة تاريخ فرنسا المتعلق باحتلالها للجزائر ووصف معاملة الفرنسيين أبّان الاستعمار الفرنسي للجزائر بالوحشي واعتبرها إبادة جماعية، الأمر الذي أثار الكثير من الانتقادات داخل فرنسا.
ومن المعروف أن ماكرون من مدافعي مبادئ العلمانية والذي يمكن ان نصفه في هذا المجال بالمتطرف المدافع عن العلمانية.

النظرة إلى الإسلام

وفيما تعتبر لوبان من أشد المناصرين للإسلاموفوبيا، ليس في فرنسا فقط إنما في أوروبا باكملها، وتصر على اعتبار الإسلام والهجرة ثنائية غير قابلة للتجزئة، زاعمة أن الإسلام «جسم غريب عن فرنسا» بيّن ماكرون موقفه بالتأكيد على أنه لا علاقة للإسلام بالعمليات الإرهابية، مشيراً إلى أنها إهانة كبيرة لمسلم أن يشار إليه بالضلوع فيها، وأكد: «لدينا عدو وهو داعش، لكن التنظيم ليس الإسلام»، مشددًا على «تساوي مكانة جميع الأديان في المجتمع الفرنسي».
ويبدو أن مرشحة أقصى اليمين المتطرف تريد استثمار التطورات الأمنية الأخيرة في البلاد لإعطاء زخم جديد لحملتها، مركزة بذلك على ملفات الأمن والهجرة، حيث ربطت مارين لوبان بين الملفين، وأكدت أن الأخير يؤثر بشكل كبير على استقرار البلاد، وسعت إلى تحويل النقاش في الأسبوع الأخير قبل الانتخابات إلى الهجرة، إذ تتطلع للحصول على دعم لتعويض تراجعها في استطلاعات الرأي.

مارين لوبان

مارين لوبان المرشحة الرئاسية الأكثر إثارة للجدل ومنذ الدور الأول من الإقتراع وضعتها استطلاعات الرأي في المركز الثاني بعد إيمانويل ماكرون، وعلى عكس شخصية منافسها الغامضة تعرف لوبان بأنها الأكثر وضوحها في تصريحاتها.
وتعرف الجبهة الوطنية على أنها من أشد معارضي سياسات الهجرة الأوروبية وتتبنى مواقف معادية للمسلمين في أوروبا وتعارض هجرتهم من شمال وغرب أفريقيا وتطالب بإعادتهم إلى بلدانهم، لكن ومنذ تنحي جان ماري لوبان والد مارين من رئاسة الحزب خفف الحزب من حدة هجماته المعهودة ضد الهجرة والاتحاد الأوروبي، كما أنها غيرت نوعا ما من خطاب الحزب حيث تدافع عن حق المواطنة في الفرنسية، وتعتبر كل من يحمل الجنسية مواطنا بغض النظر عن عرقه ولونه ودينه.
ومثل منافسها ماكرون، تدافع لوبان عن مبادئ العلمانية، وكانت قد ألغت لقاء مع مفتي عام لبنان بسبب عدم رغبتها ارتداء الحجاب واحتجاجها على صلاة المسلمين في الميادين العامة في فرنسا وشبهت تصرفاتهم بالاحتلال النازي.
وحول الأزمة السورية التي تختلف بشأنها إيران وتركيا، لا تخفي لوبان دفاعها عن فكرة بقاء بشار الأسد في سدة الحكم، وحسب رأيها فإنها تعتبر الأسد يمثل الحل الوحيد للأزمة السورية ومحاربة داعش، وإن الدعم الفرنسي للمعارضة «المعتدلة» سيدعم الإرهاب والتطرف الإسلامي في سوريا والشرق الأوسط.
واستندت لوبان في حملتها الانتخابية إلى الإسلاموفوبيا وربط الأحداث التي جرت في السنوات الأخيرة في فرنسا من قبل مسلمين متشددين ينتمي البعض منهم إلى داعش، بمبادئ الإسلام. إلا إن تلك السياسة قد تتحول إلى سلاح ذي حدين وقد تضر بحملتها الانتخابية.
وعلى أي حال فإن الجولة الثانية ستغيب عن المنافسة الانتخابية فيها الأحزاب اليمينية واليسارية التقليدية للمرة الأولى، الجمهوري والاشتراكي، وهذا ما فجر المفاجأة الغريبة في تاريخ نشاط الأحزاب السياسية الفرنسية.

انقسام إيراني

وانقسم الإيرانيون والتيارات السياسية من الأصوليين والمحافظين والمعتدلين من بينهم الإصلاحيون بين ماكرون ولوبان خصوصا وأن الانتخابات الرئاسية الإيرانية على الأبواب.
فالمحافظون الذين يؤيدون المرشد والحرس الثوري يتمنون فوز المرشحة اليمينية المتشددة مارين لوبان وذلك لتبرير معارضتهم للاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع مجموعة 1+5 الذي حرمهم من الكثير من الامتيازات الاقتصادية في البلاد، كونها تكن العداء للعالم الإسلامي بما فيها إيران، وقد تسلك المسار نفسه الذي سلكه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التهديد والوعيد في إلغاء الاتفاق النووي وفرض المزيد من العقوبات، خصوصاً وهي لا تخفي إعجابها بترامب، وتصرح كثيرا ما يشبه تصريحاته أثناء حملته الانتخابية.
أما التيار المعتدل بمن فيهم الإصلاحيون والرئيس حسن روحاني يمنون النفس في فوز ماكرون وتمسكه بجميع التعهدات التي وقعت عليها حكومة بلاده في الاتفاق النووي، وأن يسدوا الطريق أمام المحافظين والتمسك بالاتفاق النووي والمكاسب الاقتصادية التي حصلوا عليها من ورائه.

تركيا

وفِي خضم الجدل التركي الأوروبي حول الهجرة واللاجئين وأثناء عملية فرز أصوات المشاركين في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، لوحظ وجود العديد من الملاحظات والصور الخاصة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان داخل صناديق الاقتراع في مدن فرنسية مختلفة. فقد قام عدد من المواطنين الأتراك الحاملين للجنسية الفرنسية، بشطب أسماء مرشحي الرئاسة الفرنسية واستبدالها باسم الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، ربما هي رسالة تحدّي بعد نجاح الاستفتاء في تركيا.

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist