«القدس العربي»:
يخوض حزب «الدعوة»، أكبر الأحزاب العراقية المسيطرة على السلطة في العراق، سباقا محموما مبكرا استعدادا للانتخابات المقبلة، من خلال فتح مقرات جديدة في المحافظات، وعقد تحالفات مع أحزاب وقوى لمحاولة المحافظة على حصته في البرلمان والحكومة المقبلة.
وعقد الحزب، بقياداته التشريعية والتنفيذية، اجتماعا موسعا برئاسة رئيس مجلس الوزراء والقيادي بالحزب، حيدر العبادي، لمناقشة استعدادات انتخابات مجالس المحافظات المقبلة.
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون، رسول راضي، في تصريحات صحافية، إن الاجتماع تضمن مناقشة انتخابات مجالس المحافظات المقبلة والاستعدادات لها وآليات إدارة الحملة الانتخابية، إضافة إلى مناقشة أوضاع المحافظات الاقتصادية واحتياجاتها والأوضاع الأمنية في بعض المحافظات، كالأنبار ونينوى».
وأضاف أن «اجتماع حزب الدعوة ترأسه العبادي، وحضرته كافة قياداته التنفيذية والتشريعية المتمثلة بالمحافظين وأعضاء مجالس المحافظات والمدراء العامين والدرجات الخاصة في الوزارات والهيئات المستقلة والمؤسسات الحكومية».
وأشار إلى أن «الاجتماع لم يحضره الأمين العام لحزب الدعوة نوري المالكي كونه كان اجتماعا تشريعيا تنفيذيا وليس عاما او سياسياً».
وحسب مصادر مطلعة في التحالف الوطني (الشيعي)، فإن «حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي، يجري ترتيبات وتحركات نشطة ومبكرة هذه الأيام، لترتيب وضعه في الانتخابات المقبلة، من خلال فتح مقرات جديدة في المحافظات الجنوبية، وعقد تحالفات سياسية مع قوى وأحزاب».
ويعمل الحزب، وفق ما أكدت المصادر لـ«القدس العربي»، ضمن «إطار كتلة القانون التي خاض ضمنها الانتخابات السابقة والتي تجمع العديد من القوى والأحزاب الشيعية، إضافة إلى حزب الدعوة الذي يقود الكتلة».
كما يسعى «الدعوة» في «الانتخابات المقبلة إلى استخدام تكتيك جديد، عبر ضم بعض القوى من المكونات الأخرى إلى كتلة القانون، لمنحه الغطاء ومحاولة توسيع تأثيره على الانتخابات، رافعا شعار (عبور المشروع الطائفي)، رغم الصبغة الطائفية التي يتميز بها».
وذكرت المصادر أن «كتلة القانون تقوم، بناء على توجيهات المالكي، بفتح مقرات اضافية لها في المحافظات الجنوبية، ما يرتب تكاليف مالية، تثير تساؤلات عن مصدرها».
كما أن الحزب «يتحرك بقوة لدى شيوخ العشائر ويقدم الاغراءات لهم لتشجيعهم على دفع الناس الذين يتبعونهم للتصويت مع كتلة القانون، حيث عقد المالكي وقيادات حزب الدعوة، لقاءات واجتماعات مع شيوخ العشائر في المحافظات الجنوبية والوسطى».
ويراهن المالكي، تبعاً للمصادر ذاتها، على «تأييد قيادات فصائل الحشد الشعبي له، واعلانها تقديم الدعم السياسي والمالي له، خاصة بعد الضغوط التي مارسها من أجل تمرير قانون الحشد في البرلمان». وبذلك يستطيع «الاستفادة من شعبية الحشد في الشارع الشيعي، إضافة إلى ضمان كسب أصوات مناصري الحشد وأقاربهم واحزابهم لصالح كتلة القانون في الانتخابات المقبلة».
وطبقاً لمصادر سياسية مطلعة، فإن «الشارع الشيعي خصوصاً والعراقي عموماً وحتى مرجعية النجف الدينية، ما زالوا يحملون المالكي وحزبه المسؤولية على تدهور الاوضاع في العراق أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، خلال فترة سيطرة الحزب على السلطة منذ 2003 وحتى الآن، وخاصة ما يتعلق بظهور حيتان ومافيات الفساد وافلاس خزينة العراق والفشل في تقديم الخدمات».
فضلاً عن «السياسة الطائفية التي اتبعها عبر توليه الحكومة لثمان سنوات والتي ينوي تجديدها عبر رفع شعار (الاغلبية السياسية للشيعة) في إدارة الحكومة والبرلمان».
كذلك، يحمّل هؤلاء، المالكي، «المسؤولية عن ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق عبر سياسته الاقصائية وإصداره الأوامر إلى القوات المسلحة للانسحاب أمام تقدم أعداد قليلة من التنظيم نحو الموصل عام 2014 قادمة من سوريا. ما مكن التنظيم من السيطرة على كميات هائلة من الأسلحة والأموال التي ساعدته على فرض سيطرته على عدة محافظات في العراق».
لكنه ورغم ادراكه بوجود رفض عام له في العراق، «يطمع أن تساهم علاقته المتميزة مع إيران، وكونه رجلها الاول في العراق، بتسويقه من جديد للحصول على رئاسة الحكومة مجدداً».
ولهذا الهدف، جاءت زيارته مؤخراً إلى إيران، والتي حصل خلالها على دعم واضح من المرشد الاعلى علي خامنئي، والحكومة الإيرانية.
وكانت زيارة المالكي مؤخراً إلى المحافظات الجنوبية، قد قوبلت بتظاهرات احتجاجية واسعة من مختلف شرائح المجتمع. ووقعت مصادمات بين متظاهرين وعناصر حمايات مسؤولين في حزب الدعوة.
ما أجبر المالكي على قطع زيارته والعودة إلى بغداد موجها اتهامات إلى التيار الصدري بالمسؤولية عن تنظيم تلك التظاهرات وهو ما نفاه الأخير.
وسيطر حزب الدعوة على منصب رئاسة الوزراء في العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، باستثناء فترة ستة أشهر تولى فيها إياد علاوي الحكومة. كما يتحكم الحزب بالمفاصل الأساسية في الحكومة والبرلمان والقوات المسلحة.
ويذكر أن الحكومة العراقية، قررت إجراء انتخابات مجالس المحافظات المقبلة في 166 من شهر أيلول/سبتمبر من العام الجاري، لكن مصادر مطلعة في البرلمان أفادت لـ«القدس العربي» بأن «القرار النهائي بيد البرلمان في تحديد موعد انتخابات مجالس المحافظة واحتمال دمجها مع الانتخابات البرلمانية المقررة في نيسان/ ابريل 2018، وذلك لتقليل النفقات، وسط ضائقة مالية صعبة تمر بها الحكومة العراقية».