⁠⁠⁠⁠⁠السياسي الفاسد يخلع عنه مبادئه كما يخلع حذائه !!

يعتبر استمرار بشار الأسد على رأس السلطة عاما بعد عام رغم مقتل مئات الآلاف وتشريد مايزبد عن 14 مليون مواطن سوري من أبرز المؤشرات على تواطؤ ودعم الدول الكبرى له، وذلك على أثر مخاض عسير لولادة ساسة دوليين يدينون للنسيج البشري الكلي بالمحبة والولاء على أساس مصلحة المجتمع تتجاوز مصالح الأفراد وليس العكس !!
وبعيدا عن التصريحات الخشبية والعناوين العريضة الرنانة التي تعلقها المؤتمرات والأجتماعات الدولية على صدرها الممتلىء ببذور الطاعون الأخلاقي فلايمكن على الإطلاق تبرئة أحد من الدم السوري.
بل إن بقاء الأسد كإلقاء حجر في بركة المنظومة السياسية العالمية الراكدة والتي تدار من خلالها أحداث العالم ويتم برمجتها بحسب تطلعات أولئك الساسة، ضاربين عرض الحائط القيم الإنسانية وضرورة تحقيق السلم العالمي تحت مظلة العيش المشترك لمختلف شعوب الأرض.
ومن المستغرب تعويل بعض الأشخاص أو الجماعات آمالهم عقب إعلان تلك القيادات الظلامية عزمها على إقامة مؤتمر دولي أو عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن لحل تلك الأزمة أو لمعاقبة ذاك النظام أو لتوسيع العقوبات على دولة ما، حتى يستشعر المتابع لأحداث تلك اللقاءات (النازية) بهطول زخات
من مطر التعاضد الدولي وظهور قوس قزح السلام معلنا انتهاء الصراعات الدائرة في مختلف مناطق العالم برعاية تلك الدول الاستعمارية.
ويغيب عن أولئك الطامحين بأن تنجب السمكة فيلا !! بأن تلك المنظمات والمجالس تملك أجندتها الخاصة وأهدافها السرية غير تلك التي أنشئت من أجلها.
وكما تطرقنا قبل عدة أيام لمصير المعارضة السورية المجهول في ظل تصارع الدول الداعمة، ضمن مقال (بين التصارع والتهشيم العربي العربي ، أين هو موضع قدم المعارضة السورية في المشهد العام ؟؟ )، لتكمل المعطيات الدولية والمحلية تلك الرؤية التي طرحناها حول المعارضة وذلك تزامنا مع تزايد فرص بقاء الأسد في السلطة، إلى حين استنباط الدول الكبرى رؤى معينة تفضي إلى ضرورة الإطاحة به بما يتوافق مع استراتيجية المكاسب المتبادلة بين تلك القوى.
ولعل من المعيب بعد تلك السنوات الست المتخمة بالآلأم والمسيجة بأنهار من دماء السوريين، أن يظل مصير الأسد مثار تساؤلات ؟؟
فكما أن رياح القوى الاستعمارية توجه أشرعة سفن الشعوب الثائرة نحو إمكانية الوصول إلى شواطىء الحل وذلك عبر عقد المؤتمرات الدولية ومن خلال وسائل الإعلام العربية والغربية بشقيها، تواظب تلك الشعوب المتعطشة للحرية على المسير نحو صحراء العدم عقب اختراق صفوفهم من قبل المنافقين والمتسلقين تحت ستار الثورة.
في حين تتدافع مختلف القوى الكبرى على أخذ دور العدو اللدود للأسد “إعلاميا ” تارة والحياد والمناورة تارات عدة، يظل الأسد جاثما فوق الصدور النحيلة العارية بعد حصوله على موافقة علنية وفق واقع مخيب للآمال شعاره العلاقات النفعية أفضل من العلاقات الإنسانية !!
فلايوجد ثوابت بعلاقات الدول إذا أخضعت لاستراتيجية المكاسب.
وإمعانا بأخذ الدول الفاعلة على الساحة الدولية الدور الأبرز بتشغيل ماكينة الكذب والخداع، تتباين مواقف تلك الدول حول مصير الأسد !! ولنأخذ مواقف بعض الدول الغربية من أجل تذليل العقبات أمام العرب الرافضين بمس قدسية الدول الغربية المتحضرة ولو بعبارات عتاب !!!
فئران باريس :
فقد أعلنت مرارا بلدية باريس الحرب على الفئران التي تغزو شوارعها وأنفاقها وتوجب تعليل التسمية لكي لايدب الخلاف بيني وبين عاشقي فرنسا وحكوماتها، والذين أصيبوا بالخيبة والمرض الشديد على أعقاب انخراط ساركوزي وهولاند ( الرؤساء السابقين ) بصفوف الداعمين السريين للأسد من خلال التقاعس عن القيام بدور ملموس بالأزمة تحت مظلة اللاتوازن في المشهد العام إن تمت المقارنة بين التصريحات والأفعال.
وبعد أن سقط القناع عن (مهد) الديمقراطية على الصعيد الدولي وتراجع المؤيدون العرب للدولة الفرنسية إلى الصفوف الخلفية في تجمع “العرب الكارهين للعروبة ” على اعتبار تلك الدول منبع الديمقراطيات والحضارة.
وبطبيعة الحال فإن فوز ماكرون بالانتخابات الفرنسية أعاد النبض في عروق تلك الفئات المغيبة عن حقيقة تلك الدول، وباتوا يرددوا كالببغاوات خصال الرئيس الشاب وبأنه سيصحح الاعوجاج السوري ويعدل مسار الأوضاع ويقضي على ظاهرة الأسلاموفوبيا المنتشرة في فرنسا والدول الغربية على العموم.
ولم يدرك أولئك المساكين بأن لعنة السلطة والمال تذيب العقول والمبادىء بسرعة الضوء، وهنا ينبغي أن نستذكر تصريحات ماكرون قبل فوزه بالرئاسة، حيث قال مرشح الوسط لانتخابات الرئاسة الفرنسية “إيمانويل ماكرون” أنه في حال تم انتخابه رئيساً للبلاد فإن من مهام إدارته في سوريا العمل مع الشركاء الدوليين على وضع حد للحرب هناك وإنهاء حكم نظام الأسد.
ووصف ماكرون الأسد بأنه “ديكتاتور ارتكب جرائم ولا يمكن المساواة بينه وبين الثوار، معتبرا أن مقولة حماية الأسد مسيحيي الشرق “خطأ دبلوماسي وأخلاقي لأنه يؤدي إلى محاورة دكتاتور دموي.”
ليقوم ماكرون بتعديل موقفه دون خجل أو مواربة ( وكما أعبر دائما عن السياسي الفاسد بأنه يخلع عنه مبادئه كما يخلع حذائه ) !! ليعلن ماكرون في مقابلة نشرتها ثماني صحف أوروبية، أن رحيل رئيس النظام السوري، بشار #الأسد، عن السلطة لم يعد أولوية بالنسبة لـ #فرنسا التي أصبح هدفها الأساسي محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا، وقال ماكرون: “لم أقل بوضوح إن إزاحة الأسد تشكل شرطاً مسبقاً لكل شيء، لأن أحداً لم يقدم لي خلفاً مشروعاً له!”، مقراً في الوقت نفسه بتعديل موقف باريس ودخول الرئيس الشاب نادي السياسيين الفاسدين.
مهرجي واشنطن :
باعتقادي الشخصي لاداعي للحديث عن المستوى العالي من الخداع والعهر السياسي الذي يتمتع به (بعض) الساسة الأمريكيون من خلال القفز فوق التعهدات ونكث الوعود عبر حركات بهلوانية واستنزاف الحلفاء والأعداء في آن واحد في سبيل تحقيق الأهداف والمكاسب.
وفي خضم تلك العلاقة النفعية التي تتبعها واشنطن مع مختلف دول العالم فمن البديهي أن تعزف واشنطن على أوتار رحيل الأسد من عدمه لاستجرار أموال دول الخليج الداعمة ولأستمالة عواطف المعارضين السوريين
ليحاربوا بسيف واشنطن أكثر منها !!
وفي هذا الصدد أعلنت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، التي قالت يوم الخميس 30 مارس/ آذار 2017 إن “سياسة أمريكا في سوريا لم تعد تركز على إزاحة نظام بشار الأسد”. وعاد البيت الأبيض بعد ساعات من ذلك التصريح ليقول إن ما عبرت عنه هيلي يمثل موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكداً أن أولوية الولايات المتحدة الآن في سوريا والعراق تتمثل بالتخلص والقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
كما قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض إتش.آر ماكماستر لفوكس نيوز إن الولايات المتحدة “مستعدة لفعل المزيد” فيما يتعلق بالعمل العسكري في سوريا إذا لزم الأمر.
وفيما يتعلق بضرورة إزاحة الأسد عن السلطة قال ماكماستر “لا نقول إننا نحن الذين سنفعل هذا التغيير “.
فالموقف الأمريكي حيال ما يجري في سوريا لم يتسم بالتشتت والتردد بل على العكس تماما ولكن لمن كان يستطيع القراءة خلف السطور !! ففي التاسع عشر من مايو/ أيار 2011 دعا الرئيس السابق أوباما بشار الأسد إلى قيادة مرحلة انتقالية أو التنحي وعشية هذا الموقف قررت الإدارة الأميركية فرض عقوبات على الأسد شخصياً، ليقوم بعدها أوباما (شخصيا) بتوقيع مرسوم يرفض من خلاله تسليم الجيش الحر سلاحا مضادا للطائرات بذريعة وقوعه بأيدي التنظيمات الإرهابية المتشددة.
وهنا أتمنى على المعارضين السوريين بالتراجع قليلا ولو بمقدار خطوة واحدة للخلف تجاه جدوى العلاقات مع واشنطن وانتظار براعم الآمال الموضوعة في صندوق بريد البيت الأبيض.
وبالسياق ذاته، ومما لاشك به توجه كافة القوى الدولية والإقليمية لممارسة ذات الدور المشين بدعم الأسد وفق سياسة المصالح التراكمية وسلة الثمار المستحقة من التدخل في الأزمة السورية !!
وكما جاء الموقف الفرنسي والأمريكي ليصب في مصلحة الأسد جاء الموقف التركي والألماني ليغني نفس الاغنية الدموية، مع التنويه بعدم ضرورة محبة الأسد كشخص بل بالإمكان تعاظم كرهه في نفوس تلك القيادات !! ولكن على أعقاب انزياح بعض الأنظمة الدكتاتورية العربية عن السلطة وشعور القوى المعادية للعرب والمسلمين بإمكانبة حصول تلك الشعوب على حريتها، سارعت تلك الدول إلى دعم الأسد بالسر أو بالعلن من أجل الحفاظ عليه.
ومن كان يظن بأن روسيا وحدها قادرة على محاربة القوى الأخرى مجتمعة للدفاع عن الأسد دون موافقة تلك الدول وفق تفاهمات معقدة فينبغي عليه الاكتفاء بمتابعة الأحداث الرياصية بعيدا عن السياسة.
فكما فاجأنا الرئيس التركي أردوغان الذي احتضن المعارضة السورية في لحظاتها الأولى بالتراجع عن موقفه في سورية وتأكيده هذا التراجع بشكل واضح عندما قال “بشار الاسد يمكن أن يشكل جزءا من مرحلة انتقالية في إطار حل سياسي للأزمة في بلاده”، وهو الذي قال أنه رئيس غير شرعي وأيامه معدودة، ولا مكان له في حاضر سورية أو مستقبلها !!
فلا يعتبر تغيير موقف أردوغان تجاه الأسد ذات تأثير عنيف على المحلليين المدركين لخفايا الأمور (بالمقارنة مع تطلعات سلطان الأوهام بإعادة أمجاد السلطنة العثمانية وحكم الدول المجاورة )، ولكن الأشد رعبا هو تحول موقف قادة الدول الأوروبية المعول عليهم بالتملص من مستنقعات الدماء المنتشرة على أرجاء الخريطة تحت إشراف القوى الكبرى ..
فالسيدة أنجيلا ميركل كانت الأكثر صراحة في إعلانها الذي دعت فيه إلى إشراك الرئيس الأسد في الحوار لحل الازمة السورية في وقت مضى !!
عزيزي القارىء إن جميع المعطيات الواردة من ساحات القتال مع تنظيم الدولة تنذر بأن التنظيم في الربع الساعة الأخيرة من المشهد، فأن كانت تلك القوى تتبنى ذريعة بقاء الأسد بالسلطة مقابل القضاء على التنظيم.
فالسؤال العفوي هنا .. هل سيتغير موقف تلك الدول حيال الأسد في حال القضاء على تنظيم الدولة ؟؟؟
إن المؤشرات والدلائل تنفي تلك الحقيقة !!
يتباكون على الأجحار ويتناسون قيمة الإنسان !!
بينما يتقاذف عناصر التنظيم والتحالف كرة الاتهام حول قيام الطائرات الأميركية بتدمير مسجد النوري الذي يعود للقرون الوسطى ومنارته الحدباء الشهيرة في المدينة، يعقد الأسد الاتفاقات المتتالية مع متزعمي المناطق المتنازع عليها في ريف دمشق.
ومن النافذة العراقية حول مصير تنظيم الدولة قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إن التنظيم اعترف بهزيمته بتفجيره مسجد النوري التاريخي بمدينة الموصل وأن تحرير الموصل مقر التنظيم الرئيسي بالموصل يحتاج عدة أيام فقط.
كما أعلن قائد الشرطة الاتحادية عن تصفية عدد من عناصر تنظيم الدولة في المدينة القديمة من #الموصل، وقال الفريق رائد شاكر جودت في بيان، إن وحدات الشرطة تحاصر الجماعات الإرهابية في المدينة القديمة، وإنه “لا فرصة للهرب والنجاة ” .
فهل يطرح #مصير الأسد على طاولة الحوار في أستانة، أم أن لتلك القوى الأستعمارية نظرة أخرى حول الموضوع ؟؟؟
وعوضا عن قيام الدول الكبرى بمعالجة أخطائها تجاه الأزمة السورية، تواظب على تكريس معاناة السوريين عبر التعتيم والمماطلة حول مصير الأسد ، وكأنها مع الشيء ونقيضه في نفس الوقت !! وهذا من شأنه أن يعرقل فرص الحل ويسفر عن نتائج مأساوية ستلاحق الشعب السوري أو ماتبقى منه.
عزيزي القارىء إن موقف تلك الدول حول الأزمات العالمية ليس نتيجة سوء فهم، فقد انفضحت لعبة إنكار التصريحات والالتفاف حولها، والأسد شاهد حي على ذلك !!!!
بقلم الكاتب محمد فخري جلبي

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist