الفرقتان مما تشعب وتفرع اصلا عن الطائفة الجعفريه الشيعيه الاثنا عشريه !!حكاية الفرق الاسلاميه اشبه بحكايا الاحزاب السياسيه,توثيقيا !! لم تشهد الثقافة العربيه موضعا ودورا للحياة والاحزاب السياسيه التعدديه في سوريه , حيث كان الاستبداد السياسي في المرصاد ,فتقاضوها سجونا ,وقتلا ,واقصاء وهجره !!الفرق المذهبيه التي انشقت عن الدعوة السنية الكتابية الام ,ولم تجد طريقها الى التاطير الاسلامي ,وما استطاعت ان تنال الشرعية والاعتراف الاسلامي ,فانكفات نحو طرق صوفية باطنيه ,تحتمي وتمارس طقوسها !!تلك الطوائف ومعها الاقليات القوميه ,عانت الاجتياح العثماني ,وانكفأت امام الاستبداد العسكري ,في العهود العروبية الوطنيه !!اقصيت هذه الطوائف ,وادخلتها الانظمة العسكريه لعبة الكينونة والوجود ,عرض عليها نظام الاسد الحمايه في مقابل مواجهة “”الاخطار “”التي “”تمثلها “” الاغلبية السنية الام ,وما تصفه فيها من العقوق والارتداد!!الحيدريه الذين انشقوا بدورهم الى فرقتين ,احداها استبدلت اله الاغلبيه ,لتحيا ,باله من صنعها ,فعبدت سليمان المرشد!واصبحت لها فرقتان :المرشديه والحيدريه !!الاخرى ,بدورها انشقت الى كلازيه ونصيريه ,والخلاف هنا انتقل من نسبة كل منهما الى مؤسس الفرقه -محمد بن نصير العبدي البكري النميري وفي حلب القرن العاشر الميلادي ,والاخرى الشيخ محمد الكلازي المجدد ,اواخر القرن الثامن عشر !!لدواعي الفرقتان الامنيه والحفاظ على الكينونه ,احتمت الفرقتان بنظام ال الاسد !!الاسد كان يثق بالفرقتين ,وهو “”البعثي القومي”” ,””قائد جبهة الممانعه””” ,قائدا بديلا شيعيا ,عن جمال عبد الناصر السني ,وصدام حسين السني ,اللذان اقلعا بمشروع الممانعة القوميه !!ولكن حافظ الاسد اتبع منهجا “”ممانعا “”بديلا ,ينطلق ويؤسس على قوى النهج العلوي الجعفري البديل المنتمي الى ال البيت الهاشمي وسعيا وراء شرعية اسلاميه بديله عن شرعية الطائفة القرشية الاموية الام ,التي كانت تعوذه!!!تبلورت تلك التوجهات لدى حافظ بعد احداث الدستور عام 71 وانتهى القرار فيها بعد حوادث الاخوان المسلمين بين سنة 75-1982!1انتهى حافظ الاسد الى انه يجب ان يمسك بخيوط اللعبة القومية ,في “”الممانعه القومية”” ,وفي “”الممانعة الاسلاميه”,عبر الامتداد نحو التشيع والثوره الخمينيه !جاء بالعلويين بكل عشائرهم,وقد كانوا قد قطعوا اشواطا في المؤسسة العسكريه ,فعسكر المجتمع والدوله ,وضاعف عدد الشعب والفروع الامنيه ,وسلمها لقادة من الفرقتين !كان اخوه جميل قد تلقى الاوامر بانشاء “”ميليشيا دينيه “”” اسمها “”جمعية المرتضى “” في مواجهة اسلامية الاخوان المسلمين .كانت قواعدها الاساسيه ,تقع على “”خط وقف اطلاق النار”” مع الاخوان المسلمين وكتلتهم الاساسيه في حماه وجسر الشغور,فعسكرت المنظمه في سفوح جبال العلويين الشرقيه من مدينة مصياف ,الى تخوم مدينة جسر الشغور ,وهى في الاساس مناطق للمرشديه مدنها الاساسيه “شطحا” والخندق وصلنفه!!ولم يكن جميل مهتما بالكهنوت او يفهمه ,بل كان “”قائدا”” ميليشاويا وممولا ومنظما !!بعد ذلك كان الاخ الثاني لحافظ ,وهو رفعت ,قد أسس سرايا الدفاع وهى ميليشيا عسكريه ,تعادل قوتها العسكريه الثقيله اضعاف قوة الحرس الجمهوري ,والحقت بها اسراب جويه !!كان عماد تلك القوه من المرشديه والعلويين !!بينما كان عماد القوات الخاصه والمظليين النظاميه من متطوعين من المناطق الشرقيه والبدو وارياف درعا ودير الزور والجولان ! اختلف الاخوان وتصارعا ,كل بما لديه !المخابرات العسكريه القوى الجويه القوات الخاصه انحازت لحافظ ,اما السرايا فلحقت برفعت !اقصى رفعت ,وحلت سرايا الدفاع ….وفقدت عشرات الاف الاسر المرشديه رواتب ابناءها المضاعفه والهبات والترقيات ,وعاد ابناؤها مجندين في الجيش !!اعاد حافظ التركيز على العلويين بشقيهم !!وزاد اعتماده عليهم ,عندما بدأ دور البعث يتلاشى ,و اخذ غضب الطائفة السنية الام يتبلور ويزداد !وبدا ان سوريه بكل مكوناتها راحت تنزاح نحو الفرز الطائفي الحاد !!العلويون تضخمت امتيازاتهم في المدن ,وهم لايؤدون الطقوس الاسلاميه ,ولا يمارسون العفة الوطنية والشخصيه ,واستفحلت تصرفاتهم غير المسؤوله الى حدودها القصوى !!المرشديون انكفأوا ,وتضاءل دورهم !!مات حافظ الاسد عام2000,وورث ابنه بشار الحكم !!وكان على خصومة شديده مع عمه رفعت,ومع جميل الذي مات بعد وقت قصير!!اذداد المرشديه شعورا بضرورة احداث نبض او حراك في الساحة السوريه ,يعيد لهم بعض الامتيازات ,لم يقطع رفعت علاقاته بهم ,وبقى لديه ضباط ارتباط مرشديه تحت تصرفه في ماربيا ,حيث يقيم ,وكانت الجسور ممدوده لم تنقطع مع المرشديين !اثارت المؤسسة الامنيه مخاوفها تجاه ذلك قبل موت الاسد ! وابرزت الخطر الذي يمثله رفعت من خلال تواصله مع المرشديه فضغطت المؤسسه الامنيه بقيادةالعماد علي دوبا واللواء عدنان بدر حسن واللواء جميل حسن والمخابرات الجويه ,باتجاه اتخاذ خطوات حاسمه ضد المرشديين !!ضاق المرشديون ذرعا ….وهدأت تحركاتهم بعد وفاة حافظ ,ومجيئ بشار .بدأت مرحلة مراوحه….حتى بدأت احداث الحراك الثوري في سوريه اوائل عام 2011!!ظهر رفعت من جديد وراح يكيل عروض المساعده لابن اخيه,الذي لم يعيره اهتماما!!ولم يثق بما يقترح تقديمه !اقترح رفعت ان ينشا ميليشيا مرشديه على غرار سرايا الدفاع سابقا ,واصر بشار على ان يستدعى المرشديين للخدمة في الجيش ,لضمان عدم انشقاق الكثير من العناصر العسكريه السنيه ,بوجود المرشديين !!دفع رفعت انصاره للتحرك ,فلم يتعدى ذلك حدود الانفعالات والتململ ,ظهرت على شكل مشاجرات مع العلويين الكلازيه والنصيريه ,بدعوى ان العلويين لازالوا يحافظون على امتيازاتهم وسياراتهم وبيوتهم الفخمه ,ورواتبهم العاليه ,وثقة النظام بهم !!اما المرشديه ,عبدة سليمان المرشد ,””فليسوا صالحين للمواجهة مع فصائل سنيه”” ,تتهم اصلا اتباع النظام بالكفر ,فكيف بما يعبدون سليمان المرشد !!وقعت شجارات بين شباب الجهتين في منطقة سلحب ومصياف ,وهى مناطق تماس وتجاور ,اخمدت في مهدها !ووقع مثل ذلك في قرى شمال اللاذقيه في الدعتور وبسنادا ووصلت حتى قرية ماخوس, احدى اهم مراكز الاشعاع الفكري والادبي ,وغالبية سكانها من الحيدريه الذي لايتبعون سليمان المرشد “”وهى قرية واحه الراهب المخرجه ,والدكتور هاني الراهب استاذ الادب الانكليزي المتوفي وايراهيم ماخوس وزير الخارجيه الاسبق “”!!!اذا دعونا نقرر ان الارهاصات التي برزت على المستويين المرشدي والعلوي ,كانت تزاحما وتنافسا على الارتباط بالنظام ,والمطالبه بشكل اكبر فيى المواجهات الجاريه الى جانب النظام,واعادة الثقه بالمرشديين ,على انهم احدى مكونات “”الدفاع الوطني”” ,الى جانب النظام ,واعادة امتيازاتهم لهم ,وبعد ان أصابهم الشح والتضخم الاقتصادي المميت !!ولا زال الاحتقان بين الطرفين يزداد ,باتجاه وقوع مصادمات محلية عنيفه وحالات اغتصاب واعتداء متبادل على الاملاك !!!دون ان يتطور ذلك ليصبح جزءا من الحراك الوطني السوري الاعم ,ودون ان تمد هذه الاطراف جسورا مع الثوره وبأي شكل من الاشكال!! صحيح ان كلا الطائفتين اكتويتا بنار الانهيار الاقتصادي ,والخسائر البشريه الهائله لابناء كلتا الطائفتين من العسكريين الذين قتلوا في مواجهات مع الثوره ,ومع داعش ومع الحركات الكرديه !!لقد كانت الخسائر لاتطاق بالمقارنة مع نسبة العدد الأجمالي لآفراد هذه الطوائف !! ورغم ان مناطقهم ظلت الى حد بعيدمناطق خارج العمليات العسكرية الرئيسيه ,الا ان مافقدوه من عشرات الالاف من ابنائهم ,واكتوائهم بنار الجوع والعوذ ,ادى الى نتائج كارثيه بكل المقاييس ,ومنها انتشار الرقيق الابيض وتجارة الجنس بين اوساط الطائفتين ,نتيجة الجوع والعوذ ,ولم يوفر لهم الامان العسكري ,امانا اجتماعيا واقتصاديا ,مقابلا !وكان العامل الاخر الذي افرزته الاحداث وانعكاساتها ,ان حاول ابناء الطائفتين باستماتة ان يهاجروا بحثا عن لقمة العيش ,او هربا من الخدمة العسكريه,التي اصبحت اشبه بحروب “سفربرلك العثمانيه في بداية القرن الفائت ,لتعني ان من يساق الى الخدمه ,فمسيره ومصيره الاختفاء وعدم العوده !!!لقد دفع هذان المكونان من وجودهما ,ومرارة عيشهما ,وحصدا كراهية لاتنتهي ,نتيجة لارتباطهما بنظام الاسد ,رغم بعض التحركات الصامته التي راهن عليها البعض وحاول قراءتها وتوظيفها !!!وانا اضيف في نهاية سرديتي هذه ,ان أقول ان الثوره لم تبني جسورا مع كلا الطائفتين ,واتخذت منذ البدايه موقفا متوجسا ومستنكرا لموقف الطائفتين تجاه النظام !الذي لعب كل ادواره خارج قدرة الطائفتين عل الفعل وممارسة المواطنه ,التي غيبها النظام من عهود ,وجاءت الثوره لتمارس ذات الايقاعات ,وترفض الحوار او مد الجسور مع الطائفتين على انهما تبقيان مكونا وطنيا سوريا ,او انشاء خلايا صامته وكامنه ,يمكن استخدامها لملاقاة الثوره اذا تطور المد الثوري ,واضطرت الثوره للاستعانه بالانصار داخل تلك المناطق !!لكن تاطير الطائفتين امنيا ,وعجز الثوره ان تمد جسورا مع البسطاء واليساريين والعلمانيين والمثقفين من الطائفتين,اثمر فشلا ذريعا في تحييد الطائفتين ,واخراجهما من المواجهه ,او حتى الاعتراف بانهما مكونين وطنيين في جذرهما التاريخي الثقافي والحضاري ,ولازالت امكانية اعادة تاهيل الطائفتين وطنيا !!ولكننا يجب ان نعترف ان هزائم النظام العسكريه حتمت اعادة التصاقه بالطائفتين كقاعدة للتزود بالطاقة البشريه ,وابقاء منطقة الساحل منطقة عازله و امنه ,يرسل اليها المهجرين لاعادة عملية التهجين والتفاعل والتاخي بين المهجرين واهالي المنطقه ,بحيث يتحول هؤلاء المهجرون الى قاعدة للنظام مرة اخرى ! اذا ماعادوا الى مناطقهم!!والعامل الثاني الذي اسهم في التصاق هاتين الطائفتين بالنظام هو ظهور داعش والمنظمات المتطرفه وتهديداتها المباشره وغير المباشره للطائفتين ,بالاباده او الاسلمه ,قياسا على ماجرى مع الايزيد والاكراد وحتى السنه في الرقه ودير الزور والموصل !!اذا سطوة النظام والتصاقه اكثر فاكثر بالطائفتين,والانهيار الاقتصادي ,طردا ,مع هزائمه وانتكاساته ,وغياب الثوره والمعارضه عن الحوار ومد الجسور مع الطائفتين !!اضافة لداعش وتداعياتها وأخطارها !!!!!أبقت كل هذه العوامل ,الطائفتين متحدتين اومتقاربتين تجاه النظام وبقائه والحفاظ عليه !!!هناك مشروع للنظام يعمل عليه ومفاده قلب الموازين والاستمرار في اطار تحالف اسدي ايراني لبناني طائفي عبر كل الياته,بدعم روسي ايراني سافر !ولكن مشروع الثوره غائب اساسا ,ومنقسم افقيا وعموديا بين الحيش الحر على ضعفه وقلة امكانياته ,وبين ائتلاف عشائري هجين بلعب لعبة الابتزاز الاقليمي الدولي ,من جهه !ومن جهة اخرى بين داعش والتطرف الجهادي والقاعده!!وهكذا تبقى الكثير من المكونات السوريه ومنها المرشديه والعلويه ,خارج دائرة الثوره ,وخارج دائرة الاحتساب الوطني وهوامشه !!!لتنهشها كل الكوارث والعوامل والحسابات والتقييمات ,وفروق الاحتساب !!!
بقلم حبيب صالح