قال موقع «ميدل إيست مونيتور» البريطاني، إنه بعد مرور نحو 4 سنوات على ما يسمى بالربيع العربي، يمكن القول إنه لم يكن يستحق كل هذا العناء، استنادا إلى الموت والدمار الذي حدث، مضيفا أنه يمكن للمرء أن يجادل بشكل مقنع تماما أن الديمقراطية هي مفهوم غريب للمنطقة العربية، التي توفر العديد من بلدانها قاعدة صلبة لأنظمة استبدادية وملكيات مطلقة تستمر لعقود ومن دون أية عراقيل.
وأضاف الموقع: إن السنوات الأربع الماضية كشفت عن حقيقة أن حركة جماهيرية من ملايين الناس، وتمتد عبر العديد من البلدان، في واحدة من أكثر الأجزاء الهامة من الناحية الاستراتيجية بالعالم، لا يمكن أن تتبع مسارا واحدا محددا سلفا، وأصبح واضحا حجم المعارضة الكبير التي ستواجهها أي انتفاضة شعبية أخرى في المنطقة.
وتابع الموقع: كان الربيع العربي أول اختبار حقيقي للإصلاح السياسي بالشرق الأوسط، وكشف عن نقاط ضعف وقوة لدى أنظمة ظهرت في الآونة الأخيرة كأنظمة مستبدة، وممالك لا تتجاوز طموحاتها استعراضا باهرا للثروة والسلطة، ويمكن القول إن الثورة -على الأقل- أظهرت نطاق الضعف أو النفوذ السياسي لهذه الأنظمة.
واعتبر الموقع أن ثورات «الربيع العربي» كانت بمثابة رفض جذري للوضع الراهن؛ لافتا إلى أن 355 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحملوا أشكالا مختلفة من الاستبداد السياسي، فضلا عن حقيقة أن العديد من البلدان التي تأثرت بالثورات كانت تعاني من مشاكل اقتصادية مزمنة، ولم تكن الثورة بالنسبة لها مفاجأة.
وأوضح أن من الديناميكيات السياسية الجديدة التي كشفها «الربيع العربي» التدهور البطيء للنفوذ الأميركي وظهور دول عربية كوكلاء مستقلين سعوا لدعم أنظمة غير ديمقراطية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة كانت تنظر لمصلحتها الاستراتيجية فقط من خلال الحفاظ على مصر مستقرة، ووقف أي تهديد لأمن إسرائيل، لافتا إلى أن تغير الأشخاص لا يهم واشنطن كثيرا، طالما أن ميزان القوة في مصر لا يتحرك بعيدا عن الجيش.
وأوضح الموقع أن الهدف الأساسي من المساعدات الأميركية لمصر هو دعم معاهدة السلام مع إسرائيل، وهذا يفسر لماذا حجبت واشنطن نسبة صغيرة من مساعداتها في أعقاب الانقلاب العسكري ضد حكومة الرئيس محمد مرسي، والذي لم تسمه الولايات المتحدة انقلابا.
وأشار إلى أن دولا عربية كان ينظر إليها منذ فترة طويلة على أنها غنية بالنفط لكنها ذات قدرة ضعيفة، وتخاف من الثورات، وتعتمد على القوات الأجنبية لحمايتها، وكانت ترفض وصفها بالدول الرجعية، لكن الآن تبددت هذه الصورة بشكل كبير حين لعبت هذه الدول دورا في قيادة الثورة المضادة، ودعم القوى الموالية للأنظمة في بعض البلدان وقوى مناهضة للأنظمة في مناطق أخرى.
ولفت الموقع إلى أن دولاً عربية شاركت عسكريا واقتصاديا في إسقاط الأنظمة الديمقراطية والتأثير على حركات الاحتجاج في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن عدم الاستقرار الشديد الحالي والتقلبات في الشرق الأوسط، هو نتيجة لاستعراض جامح للقوة الصلبة والناعمة لهذه الدول.
وتابع: إن تفكيرهم الوحيد في التصدي لرياح التغيير بدلا من الإبحار معها ثبت أنه تدبير فعال في تأكيد قوتهم ونفوذهم، وهو ما يكشف عن انتهازية سياسية. وكانت تحالفات هذه الدول مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا وحلف شمال الأطلسي مفيدة ضد سوريا والعراق وداعش، بينما في مصر واليمن كانت جرأتهم الجديدة بمثابة عرض للقوة لا يقدر بثمن.
مثال آخر على المصالح الشخصية القوية التي تضافرت لتضليل الربيع العربي، هو تحوله إلى عدد من الحروب بالوكالة؛ إذ إن الانتفاضات الشعبية تحولت إلى صراعات بالوكالة ممولة جيدا، ودفعت هذه الدول مبالغ طائلة من المال لدعم أنظمة فاشلة، وانصهرت المصالح المختلفة لتعطي معنى جديدا لمقولة: «عدو عدوي صديقي»، وشملت الأطراف المتحاربة الآن جماعات لها خلفيات دينية ووطنية تخدم أغراضاً سياسية متعددة.
وأوضح الموقع أن أي حركة جماهيرية تهدد بتقويض شرعية الحكام العرب أو على الأقل السعي لفرض إصلاحات سياسية في مختلف البرامج الوطنية تعتبر الآن العدو الأول لهذه الأنظمة.
وأنهى تقريره بالقول: إن خوف الدول العربية وبغضها للإسلام السياسي أصبح قويا جدا، لدرجة أنه فاق معارضتهم الاسمية لإسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وكان أمرا غير مسبوق حين أذعنت حكومات هذه الدول للموت والدمار الذي نشره الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة خلال فصل الصيف، لأن الهدف كان القضاء على حماس. إن صمت العواصم العربية كان يصم الآذان»