لم يكن اللجوء قرارا سهلاً على السوريين بل كان خياراً لا ثانيَ له في ظل جرائم النظام بحقهم، وتضييقه عليهم في أوطانهم.
انتشر السوريون في أصقاع المعمورة متأملين بحياة جديدة كريمة في دول الجوار، والبلدان الأوروبية، وهذا ما لم يحظَ به غالبية اللاجئين.
نقلت وسائل إعلام لبنانية، مساء أمس السبت 26 كانون الأول/ ديسمبر، مهاجمةَ عددٍ من اللبنانين مخيماً لإيواء لاجئين سوريين في منطقة المنية شمال البلاد، وقيامهم بإضرام النار بالخيم على خلفية شجار اندلع مع عمال سوريين في المخيم.
يُعَدُّ السوريون أكبر خزان بشري للاجئين؛ لأنّهم يشكلون ثلث عدد اللاجئين حول العالم. يتركز ما يزيد عن 80% من اللاجئين السوريين في دول الجوار. تتصدر تركيا الدول جميعها في استضافة السوريين؛ إذْ يُقدَّر عددهم نحو 4 ملايين لاجئ، تليها لبنان، ويقدَّر عددهم فيها ب 1.5 مليون لاجئ، يعدون من أكثر شرائح المجتمع اللبناني ضعفاً وهشاشة.
وقد أدى شجار دار بين لبنانيين وسوريين في المخيم، مساء أمس السبت 26 كانون الأول/ ديسمبر، إلى سقوط عدد من الجرحى، كما أتى الحريق المفتعل من قبل بعض اللبنانيين على كل مساكن المخيم. كان الحريق ضخماً بسبب المواد السريعة الاشتعال المستخدمة في إنشاء تلك الخيام، فضلا عن وجود اسطوانات غاز انفجرت نتيجة النيران.
وقد هرعت قوات الأمن والجيش اللبناني، بحسب الإعلام المحلي، إلى الموقع للتدخل وتطويق المنطقة وملاحقة أطراف الشجار.
أسفر الحريق عن تشريدِ سكان هذا المخيم الذي يؤوي ما يزيد عن 70 أسرة وافتراشِهم العراء، وسط أجواء شديدة البرودة في ظل موجة صقيع تضرب البلاد.
تعد هذه الواقعة الثانية من نوعها خلال مدة قصيرة قد لا تتجاوز الشهر، فقد طرد أهالي منطقة بشري الشمالية أواخر الشهر الماضي، 270 عائلة سورية إثر اتهام سوري بمقتل شاب لبناني من المنطقة.
يواجه اللاجئون السوريون في لبنان عنصرية متصاعدة، تصل إلى حد تنظيم حملات ضد السوريين على وسائل الإعلام المحلي ولسان بعض سياسي البلاد، وعبر اعتداءات متكررة ضد مخيماتهم.
ويقاسي السوريون في لبنان ظروفاً معيشية قاسية، فقد بينت دراسة مشتركة صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، في الشهر الجاري، أن 9 من بين 10 عائلات سورية لاجئة في لبنان، تعيش في فقر مدقع جراء الانكماش الاقتصادي، والتضخم الحاد، وتفشي وباء كورونا، إضافة إلى انفجار مرفأ بيروت.
لايملك السوريون الخيار في اللجوء من عدمه، فحلمهم بالعودة إلى الوطن يمنعه وجود نظام الأسد الذي يصادر أملاكهم، ويتوعدهم بالقتل والملاحقة في الخفاء، رغم ترحيبه المزيف على الإعلام.
صباح نجم
المركز الصحفي السوري