بيروت- “القدس العربي”: بعد أقل من 24 ساعة على انعقاد “اللقاء الوطني” في قصر بعبدا الذي لم يُسمِن ولم يُغنِ عن جوع، استمرت التحركات الاحتجاجية في عدد من المناطق اللبنانية استنكاراً للغلاء الفاحش ولهبوط قيمة الليرة اللبنانية التي فقدت حسب وكالة “رويترز” 80 في المئة من قيمتها في خلال 8 أشهر. وكان أبرز الاحتجاجات ما شهده أوتوستراد الجيّة الساحلي من قطع للطريق عند مفرق برجا وعند أوتوستراد الناعمة بشاحنات كبيرة، ما تسبّب بزحمة سير خانقة حيث علق من كانوا في طريقهم إلى جنوب لبنان في سياراتهم على مدى 4 ساعات.
وبعد مفاوضات يائسة أجراها الجيش مع المحتجين لفتح الطريق، عمد إلى إعادة فتح الطريق الساحلي مستخدماً القسوة، لينتقل المتظاهرون إلى نقطة أخرى ويقطعوها مجدداً بالحجارة قبل إعادة فتحها من جديد.
وكانت دعوات تناقلت عبر منصات المحادثة الفورية تدعو إلى “النزول إلى الشوارع وقطع جميع الطرقات تحت عنوان: صفّ سيارتك بنص الطريق، السيارة مش أغلى من الوطن. وإعلان التصعيد في جميع المناطق من الشمال إلى الجنوب بعد صلاة الجمعة”.
وإذا كان بعض طرقات الشمال والبقاع تمّ قطعها، إلا أن قطع طريق الجنوب يتخذ في كل مرة بُعداً مختلفاً حيث يعتبر جمهور حزب الله أنه موجّه إليهم. ونشر الشيخ الشيعي صادق النابلسي صورة لزحمة السير في الجيّة وعلّق عليها: “خطوط مواصلات الناس هي خطوط اتصالات المقاومة”، وأضاف: “السلم الأهلي قد يحتاج يوماً ما إلى حضور “القمصان السود” مجدداً”. الأمر الذي فسّره ناشطون بأنه تهديد بـ 7 أيار جديد. وتوجّه أحدهم إلى النابلسي بالقول: “هذا الشيخ لا يخجل بالتهديد باستخدام سلاح الحزب كما حصل في 7 أيّار 2008. على الأقل احترم العمامة، وأنتَ تهدّد بالسلاح وبالحرب الأهلية وبالقمصان السود، أي باستخدام السلاح لأسباب سياسية داخلية”. وأضاف: “يا أخي احترم الدين وأنتَ تهدّد، بصفتك الحزبية، الثوّار الجائعين في الشوارع… أنتم أقفلتم وسط بيروت عامين، وأقفلتم المجلس النيابي عامين، ومنعتم انتخاب رئيس الجمهورية عامين… مستكترين على الجوعانين يسكّروا طريق لساعتين؟؟؟ يا عيب الشوم. لو في قضاء بتتحوّل على المحاكمة بتهمة تهديد السلم الأهلي والتحريض على القتل والعنف، كما حصل في 7 أيّار”.
وفي إطار التحركات، دخل عدد من المحتجين بالقوة مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية في بدارو، وتوجّهوا إلى مكتب الوزير رمزي المشرفية لمقابلته لكنه لم يكن موجوداً في مكتبه. واعتبر المحتجون أن “الوزارة مقر عام وهي مباحة للجميع، وأن الوزارة الأهم في هذا الوضع المعيشي السيئ، وأن الوزير لا يقوم بواجباته تجاه المواطنين”.
وبعد هذه الخطوة تمّ الإعلان عن توقيع وزير المال غازي وزني مخصصات لمشاريع وزارة الشؤون الاجتماعية بقيمة 17 مليار ليرة.
وفي جونية، تجمّع عدد من المحتجين أمام السرايا في انتظار تخلية الناشط داني فرح الذي تمّ توقيفه يوم الأربعاء الفائت بعد استدعائه من قبل القوى الأمنية على خلفية الإشكال الذي وقع أثناء اعتقال ميشال شمعون.
وفي البقاع، اعتصم محتجون أمام قصر العدل في بعلبك، للمطالبة بـ “محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة”، رافعين الأعلام اللبنانية، واللافتات المطالبة بإطلاق محمد العشي، مطلقين هتافات دعت إلى “حماية الحريات التي كفلها الدستور”، وسط انتشار أمني كثيف في محيط قصر العدل. وكانت كلمة ممثل دار الإفتاء الجعفري المفتي الشيخ عباس زغيب، حذّر فيها من المساس برغيف الفقير وبالمحروقات.
وفي صيدا، أغلق طع ايليا من قبل سائقي سيارات الأجرة احتجاجاً على تردي الأوضاع، حيث ركنوا سياراتهم وسط الطريق وترجّلوا منها. وطالب السائقون برفع التسعيرة إلى 3000 ليرة كحد أدنى. كما طالبوا وزارة الداخلية بإعفائهم من رسوم الميكانيك لعام 2020.
كذلك في طرابلس، تمّ قطع مسارب ساحة عبد الحميد كرامي بالإطارات والحجارة، احتجاجاً على “ارتفاع سعر صرف الدولار والأوضاع المعيشية الصعبة”، فيما قطع معتصمون أوتوستراد الميناء – بيروت وطريق البداوي بالحجارة والعوائق.
تزامناً، أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أن “الوضع الحالي قد زاد من نسبة العوز وأرهق كاهل اللبنانيين”، وأن همّنا الأول يكمن الآن في تحقيق الاكتفاء الغذائي للشعب اللبناني إلى جانب الأمن، لا سيما وأن التظاهرات التي حصلت في البداية كانت عملاً ديمقراطياً يُظهر حاجات الشعب أمام الحكم. إلا أنه دخلت عليه لاحقاً عناصر غريبة عن الوطن ولا ترتدي الطباع اللبنانية الهادئة فاستفاضت بالشغب، مرتدية طابع الفرق المتخصصة بالإرهاب”. وقال عون خلال استقباله وفداً من “كاريتاس” إن “عملنا يتكامل مع ما يقوم به جميع الخيّرين في لبنان، لا سيما لجهة المساعدة على تدعيم مقومات العيش الكريم والدفاع عن الإنسان كي يبقى قادراً على تناول لقمة العيش والاستمرار في العمل”.
وكان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع سخر عبر “تويتر” من النتائج التي خلُص إليها اجتماع بعبدا فقال: “أعطى لقاء بعبدا “الوطني الجامع” نتائجه فوراً فما كادت أن تنتهي تلاوة البيان الختامي حتى قفز الدولار قفزة غير مسبوقة”.
نقلا عن القدس العربي