مع اقتراب فصل الشتاء، يشد النازحين شوقٌ عميق نحو منازلهم وقراهم، ويأخذهم نحوَ دفء دفين تركوه خلفهم وهجروا إلى مخيمات يحفهم البرد فيها من كل جانب، ومهما فعلوا لن يشعروا بالدفء، دفء الوطن والمسكن وجمعة الأحباب.
يحتار ساكنو مخيمات ريف إدلب في الطريقة التي سيحصلون فيها على الدفء هذه السنة خصيصاً بعد منخفض جوي ماطر وبارد بدأ الإثنين وسيستمر حتى الخميس لينبأهم أنّ فصل الشتاء أتى ليحل ضيفاً ثقيلاً عليهم.
يخرج أبو عبدالله المهجر من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات حارم شمال إدلب صباحاً إلى الجبال الشرقية للمدينة يحمل فأسهُ وعدة أكياس ليبحث عن بعض الحطب للتدفئة لتكون مؤونة الشتاء القادم.
يقول أبو عبدالله “أخرج بشكل شبه يومي رغم كبر سني ومقاربتي على الخمسين عاماً، إلا أن عدم مقدرتي على شراء الحطب يدفعني للخروج وتحمل مشقة المسير بين الصخور وعلى الجبال لأقلع جذور الأشجار والقرم وأجمعها في الكيس ثم أحملها عبر الدراجة النارية للمنزل” لا يملك أبو عبدالله عملًا آخر سوى جمع الحطب، ويوميًا يجمع ما يقارب كيسين من الحطب حيث يبيع عمل يوم ويخزن عمل يوم آخر للشتاء.
يضيف أبو عبدالله بحرقة وحسرة بعد سؤاله عن أرضه في بلدته “راحت الأرض بما فيها، كنت أملك 30 دونماً من أشجار التين والزيتون والعنب، وكنت من ما تخرج لي الأرض أعيش عامي وأحصل على حطب التدفئة، لكن اليوم أشقى وأتعب لتأمين قوت يومي”
لم يشعر أبو عبدالله بالبرد في بلدته أيام فصل الشتاء، ويقول “كنا نعيش في نعيم، نعيم البيت الذي كبرنا فيه ونعيم الأرض وقرب الأحباب واجتماعهم، كنا سوياً نمضي ساعات ليل الشتاء الطويلة في السهرات الجماعية مع الأقارب ونحييها بالتسالي واللهو والألفة والمحبة”
اليوم يختلف الوضع كثيراً على معظم النازحين، ما يقارب أربعة سنوات مضت على نزوح أهالي ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، ولليوم لا يزال الاستقرار صعباً عليهم، لا يزالون يتمسكون بذكريات قراهم وأقربائهم، وحرموا حتى من لقائهم والسهر معهم في ليلة شتوية.
بقلم: إبراهيم الخطيب