تأبّط السوريون أحلامهم الورديّة، وعلّقوا مفاتيح بيوتهم، على تراقيهم يفقؤون بها سكون الليل، على قوارب الموت، تلاحقهم تقارير عن الوطن والمواطنة والانتماء، حين التقت أرواحهم على أوراق الشعراء ومنصّات الفنانين.
كتب سيفموند فرويد صاحب الأنا والأنا الأعلى في “الحب والحرب والحضارة والموت”، إلّا أنّ الأنا السوريّة التصقت بتاء الموت المفتوحة، لسكون الوسط السياسي، أمام المجازر التي تقتفي أحلامهم، بوطن لا يقتل الأبناء، وكتاب مدرسي، يصوّر علماً،
ربما نستطيع أن نلقي تحيّة الصباح عليه، بقلوب صافية، فصارت الأنا يا “فرويد” أنّات.
الأمهات
أنّات الأمهات اللواتي ألقين بقمصان فلذات الأكباد على عيونهن، لربما يرتدّ الوطن بصيرا.
الوطن الذي عرّفه شاعر سوري، بأنّه وجع الذاكرة الممتدّة، من أثافي المواقد على أطرف الخيام، حتى آخر سمكة قرش في حوض المتوسط، تقتات أحلامنا المؤلمة.
هو ذات الوطن، التي قالت فيه الكاتبة السورية، ومديرة التلفزيون السوري سابقاً، “ديانا جبور” بعد كارثة قوارب الموت، التي شهدتها شواطئ أوغاريت، على قدمي المتوسط، في المأساة الفائتة،
” وهل نجت الأرواح البشرية المتلاطمة، بين محطّات الوقود والأفران، وأبواب القنصليّات قاصدين الهجرة؟!”
ديانا التي تنقد السينما، وتكتب في الصحافة السوريّة، هل تتنقد زوجها باسل الخطيب، مخرج مسلسل “هوى بحري” ليعمل في اجتثاث الموت السوريّ البحريّ.
ومن ضفّة أخرى للوطن، وبهدأة الليل، انفصلت ضمائر الشاعر السوري، ياسر الأطرش، واتصلت بمأساتنا المتّصلة، وكتب مقدم برامج “ضمائر متصلة” يرثي الإنسانية، ويبكي نفسه، لمآل الغارقين بماء الحلم.
“في هدأة الليل، حين الليل ينسيني
دمَ النهار، وبالأشواق يغريني
ألملم الباقياتِ العُند من تعبي
وأستعيذ من النكباء باللينِ
وأستريح على نفسي وأحضنها
ونصبح اثنين: أبكيها وتبكيني”
وعلى غرار ما يسمى وطناً، انفصلت قريحة شاعر الحبّ الشامي والشفافيّة “عبد الرحمن الإبراهيم” عن ملاذه الشعري واتصلت بالمناجاة،
مناجاة الله، ليحمي الناجين من الموت غرقا، من تعذيب أشدّ في المعتقلات السورية، بالموت المكرّر
“يتقطّع القلب ألماً ، على السوري الذي دفع خمسة آلاف من الدولارات ، ليفرَّ من الممانعة ومناصريها في لبنان ، فكان المبلغ – بعد نجاته من الغرق – ثمناً لتعذيبه حتى الموت في معتقلات الممانعة
رحماك يا الله”
وفي ذات القهر، من ذات الوطن، ومن أحداث مسلسل “البارعون” تساءل الممثل السوري “فراس إبراهيم”
عن مصير الناجين، في إشارة للموت العبثي، في معتقلات اللاضوء واللاشمس واللاحياة.
ومن فلسفات الوطن، في الحياة والموت،
اختصر الشاعر السوري “عبد القادر الحصني” في الموت والبقاء وجدليات الأرواح المتلاصقة
“ربّما نلتقي هناك
هناك… حيث لا ربّما”.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/902611191129318
والموت أغنية المحارب يرفع الصوت اتزانا بالخطى،
ما فتئ هذا القمقم السحري، يطاردنا في البحر وفي الأرض، ومن الصواريخ الهاطلة عن سقف الوطن،
والموت يحضن غربتي بحنينه
هو موطني وندامتي غرباء
يبكي السوريون موتاهم،
وحين يستفيقون يبكون على نصوص شعرائهم، وكأن هذا البكاء وتداً زرعه الموت في عين السوري.
عادل الأحمد
أدبيات