بات ريف حمص الشمالي عامة يقاوم الجوع، ليلحق بركب المدن والبلدات المحاصرة، خاصة بعد حملة النظام الشرسة التي بدأها منذ شهرين فيها، وعلى ريف حماة الجنوبي المتاخم لها بدعم جوي روسي، مما دفع أكثر من 8 آلاف مدني للنزوح من حربنفسة الحموية إلى مدينة الحولة المحاصرة، الأمر الذي زاد الأوضاع المعيشية سوءاً فيها.
يلجأ النظام دائماً لتضييق الخناق على الشعب السوري، فمن سياسة الأرض المحروقة بالقصف المدفعي والغارات الجوية بالصواريخ الفراغية والعنقودية، إلى أسلوب الحصار والتجويع لكسر إرادة الشعب، والتراجع عن مطلبه في الحرية، والمطالبة أو السماح لعودة النظام إلى تلك المناطق المحاصرة مقابل فك الحصار وإدخال المساعدات وتأمين الضروريات.
250 ألف نسمة داخل أحياء دير الزور، أكثر من 70 ألف نسمة ضمن حي الوعر الحمصي، وآلاف العائلات بمضايا والزبداني، جميعهم أذاقهم الحصار المفروض من نظام الأسد معاناة كبيرة، يقابلهم حالياً 78 ألف نسمة في الحولة حالهم سيتحول لحال المدن السابقة الذكر، إذا لم يتجنب ذاك التدهور الصحي والمعيشي والإنساني بأسرع وقت من قبل المجتمع الدولي، حيث استشهد مئات الأشخاص جوعاً وبرداً تحت الحصار، بل ولجؤوا إلى أكل الأعشاب ولحم القطط في بعض المناطق، ليصارعوا من أجل البقاء.
إن انقطاع الكثير من الطرق المؤدية إلى ريف حمص الشمالي بفعل الاشتباكات الدائمة بين عناصر النظام والمعارضة المسلحة، وغياب فرص العمل وتفشي البطالة بسبب القصف، إضافة لاستمرار موجات النزوح إليه، فرضت غلاء أسعار كل المبيعات المتبقية في تلك المناطق، وإلى فقد المواد الضرورية لكل فرد كالأرز والبرغل والطحين، ” أبو فوّاز” أحد الباعة في الحولة قال لمركز حمص الإعلامي: “ارتفاع سعر رّبطة الخبز إلى 400 في الأفران الخاصة، سبّب عزوف الكثيرين عن شرائها رغم الحاجة الملحّة، النّاس هنا تحارب حتى في لقمة عيشها، هم يطلبون أدنى مقومات بقائهم وكفافهم لا أكثر”.
كالعادة الأطفال هم أكثر الفئات المتضررة من كل انعكاسات الحرب السورية، فقد ذكر أحد العاملين في الشأن الإغاثي لمراسل “مسار برس” أنه لايوجد في الريف الشمالي لحمص سوى مكتب واحد فقط في مدينة الرستن يهتم برعاية الطفولة والأمومة وذوي الاحتياجات الخاصة، علماً أنه وبحسب مكتب الإحصاء في الريف الشمالي يوجد أكثر من 80 ألف طفل في مدينة الرستن وحدها، ويقدم المكتب علبة حليب واحدة كل أسبوع للأطفال الرضع وهي تكفي الطفل يومين فقط، منوها أن مادة الحليب نادرة بالريف الشمالي، وفي حال وجدت فإن سعرها مرتفع جداً ولا تستطيع كل الأسر تأمينها”.
نتيجة طبيعية أن تنتشر الأمراض والأوبئة كثيراً بريف حمص الشمالي، في ظل سوء التغذية، والاعتماد على مياه الصهاريج التي بغالبها تعاني من التلوث، بعد انقطاع الكهرباء لفترة طويلة، وارتفاع أسعار المحروقات المشغلة للمولدات بشكل خيالي التي تضخ المياه من الآبار.
أينما اتجه السوريون، يلاقيهم الموت بأشكال مختلفة داخل سوريا أوخارجها، وكابوس الحصار يهدد آلاف السوريين، ليرديهم ضحية للجوع أو البرد أو أمراض مزمنة، بالنسبة للشعب السوري تعددت الطرق والموت واحد، من غير أي جدوى للمؤتمرات الدولية والمنظمات الإنسانية طالما يبقى بشار الأسد في حكم سوريا شكلياً، وإيران وروسيا فعلياً.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن