بعد موت زوجها في ظل اشتباكات دائرة داخل الأراضي السورية عادت “زينة” إلى منزل أهلها، كغيرها من النساء اللواتي فقدن أزواجهن وسط حرب مريرة نشرت آلامها بعيداً في قلوب السوريين، العاجزين عن الدفاع عن أبسط حقوقهم في الحياة.. لتغدو تحت مسمى “أرملة”.
جلست الشابة الصغيرة “زينه” (26 عاماً) بصحبة أهلها ذات ليلة والحديث المفروض بحد ذاته مصير أطفالها الصغار بعد موت زوجها “إبراهيم” نظرات أمها كانت غريبة، وكأنها تخبئ عنها أمراً ما، لكن على حد قولها لم تكن تعلم ما هو؟!.
روت زينة قصتها لنا قصة إرغامها على الزواج من شقيق زوجها قائلة “كان ذلك بعدَ وفاة زوجي بثمانية أشهر، في 13 تموز/2015 وبينما كنا جالسين، قُرِعَ الباب بقوة… فدخلت زوجة شقيق زوجي كانت تبدو غاضبةً! دخلت وبدأت بالصراخ ووجّهت الشتائم لي! لم أعلم في البداية لما كانت تشتمني، لكن سرعان ما عرفتُ حين قالت: “ألم تجدي سوى زوجي كي تتزوجي به؟!”
تابعت حديثها بغصة بدت ظاهرة لنا “أصبت بالذهول أمام وابل الشتائم الذي كنت أتلقاها.. لكن سرعان ما تدخل والد زوجي معلناً أن القرار في ذلك يعود بمصلحة أكبر.. ألا وهي ضمان نشأت بناتي الثلاثة تحت رعاية عمهم وخاصة أنني صغيرة ولا أملك خبرة الحياة”.
وتضيف “أصابني الجنون بداية الموقف.. لكن كلام عمي المنطقي خفف من تحملي لعبء المعاناة التي تصعب على الرجال قبل النساء، حينها أخبرتني أُمي أنّ شقيق زوجي قد تقدَّم للزواج مني، بحجة أنهُ يريد أن يسترني! وأن يربّي أولاد أخيه بنفسه. اغرورقتْ عيناي بالدموع وبدأتُ البكاء دونَ توقّف! فما الذي أسمعه؟”.
لُمتُ أمي أنها لم تخبرني عن الموضوع، وبأنّ الجميع يتشاورون في أمرٍ يخصُّني دون أن يقولوا لي، لكنّي سكتُ وجعلتُ دموعي تبوحُ بحالي! لا أُريدُ الزواج بأي شخص بعد زوجي، فكيفَ لي أن أقبل الزواج من أخيه؟!”.
مسحت الصبية دموعها التي عجزت عن إخفائها وتحدثت “بدأ الجميع إقناعي… أبي وأمي وإخوتي… خلدتُ إلى النوم وأنا أُحاولُ إبعاد الكابوس عني… ربما يقولونَ أولادي لعمِّهم “يا أبي” ويكون لهم أشقاء هم أبناء عمِّهم في آن؟ كيف لي أن أحرمهم من فرصة تعيد لهم ترتيب حياتهم، وأما أنا فسيبقى والدهم حبيس مشاعري الدفينة”.
لم ولن تكن “زينه” لتقبل بالفكرة، فقد سلبت منّها الحرب الكثير، لكن بقي لديها بعض المنطق والأمل … لتعود الضحكة لأطفالها الصغار على أمل أن يكون الغد أجمل، وقبلت الزواج من شقيق زوجها كما كان يحدث مع الأجداد.. بعد أن أعادت الحرب الفكرة من جديد.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد