لم تنقطع محاولات الروس، خلال العام الجاري، للوصول إلى المثلث الحدودي السوري العراقي التركي، عبر نقطة عين ديوار في أقصى الشمال الشرقي من سورية والتابعة إداريا لمحافظة الحسكة، بيد أن هذه المحاولات فشلت حتى اللحظة بسبب عراقيل أميركية معلنة ورفض مطلق من أهالي المنطقة.
واضطر رتل عسكري روسي كبير إلى الانسحاب، مساء أمس الأحد، بعد تمركز دام ساعات في قرية عين ديوار، حيث جرت ملاسنات بين الأهالي وأفراد الرتل الذي كان مؤلفا من 11 مدرعة عسكرية، ترافقه حوامتان، وفق مصادر محلية، اشترطت عدم الإفصاح عن هويتها.
وحاولت الحوامتان تخويف الأهالي الذين تجمهروا لمنع القوات الروسية من التمركز، وفق المصادر ذاتها التي أشارت إلى أن هذه القوات زعمت أنها جاءت لتدريب قوات حدودية للنظام السوري. وأمام رفض الأهالي بقاء الروس في القرية، دفعهم ذلك إلى العودة الى نقطة الانطلاق في مدينة القامشلي.
ويرى الباحث السياسي المقرب من “الإدارة الذاتية” الكردية، إبراهيم مسلم، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الروس “يريدون تحقيق أهداف النظام بالوصول إلى الحدود السورية العراقية”، مشيرا إلى أنهم “يحاولون ابتزاز قوات سورية الديمقراطية من خلال التلويح بالانسحاب من شرقي الفرات، ما يعني تدخلا تركيا جديدا”.
وأشار إلى أن زيارة الممثل الخاص للولايات المتحدة الأميركية لدى سورية، جيمس جيفري، إلى محافظة الحسكة مؤخرا “كانت رسالة واضحة لكل من روسيا وتركيا مفادها عدم تجاوز الحدود الموضوعة لهما”، مضيفا أن “الشمال الشرقي من سورية غني بالثروات النفطية والزراعية والكل يريد أن يكون صاحب القرار فيه”.
وفي السياق، منعت قوات “الأشايس” (الشرطة الكردية الداخلية) في منطقة شرقي نهر الفرات، الرتل الروسي، من العبور من خلال مدينة المالكية (ديرك) في طريق عودته إلى مدينة القامشلي بعد أن خرج “مطرودا” من عين ديوار.
ويتهم الأكراد السوريون الجانب الروسي بـ”التواطؤ” مع الجانب التركي شرقي الفرات وغربه، وهو ما يفسر رفض سكان البلدات السورية الحدودية مع تركيا والعراق، أي وجود روسي في مناطقهم.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الروس التمركز على الحدود السورية مع تركيا أو العراق، ولكن في كل مرة يعترضهم رفض شعبي كبير في القرى والبلدات السورية على طول الحدود مع الجانب التركي. وإضافة إلى هذا الرفض، من الواضح أن هناك “فيتو” أميركيا يحول دون وصول الروس إلى الحدود السورية التركية والسورية العراقية. وأمس الأحد، طاردت طائرات مروحية أميركية أخرى روسية حلقت في أجواء بلدة رميلان وفي بلدة معبدة، من دون أن يحدث اشتباك بين الطرفين، وفق مصادر محلية.
وتتموضع قرية عين ديوار على شاطئ نهر دجلة الذي يعبر الأراضي السورية في أقصى الشمال الشرقي، وتقع إلى الشمال الشرقي من مدينة الحسكة بنحو 220 كيلومترا. كما تبعد عن مدينة القامشلي بنحو 110 كيلومترات شرقا، وتتبع إداريا لناحية المالكية التي تبعد عنها نحو 17 كيلومترا. وغير بعيد عن قرية عين ديوار يقع معبر سيمالكا الذي يربط الشمال الشرقي من سورية، مع إقليم كردستان العراق، والذي تسيطر عليها قوات “الأشايس الكردية” التي رفضت أي وجود للنظام أو الروس فيه.
وقد اشتد التنافس بين الروس والأميركيين على محافظة الحسكة الغنية بالثروات منذ أواخر العام الفائت، وتضع الولايات المتحدة الأميركية يدها على المناطق الغنية بالثروات في محافظة الحسكة، خاصة ريفها الشرقي، حيث حقول وآبار رميلان النفطية الشهيرة، وريفها الجنوبي حيث حقول الغاز في منطقة الشدادي.
ويحاول الجانب الروسي إقامة نقطة تمركز لقواته على الحدود السورية العراقية، والتي تبلغ أزيد من 600 كيلومتر، تسيطر “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) عليها في منطقة شرقي نهر الفرات بشكل كامل، بينما تسيطر مليشيات إيرانية وعراقية على جزء كبير منها في جنوب نهر الفرات، خاصة مدينة البوكمال وباديتها.
وتتموضع قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” الإرهابي بقيادة الولايات المتحدة على الحدود السورية العراقية ليس بعيدا عن الحدود المشتركة بين سورية والأردن.
نقلا عن العربي الجديد