تقطّعت أوصالُ الكثير من السوريين، حيث تاهت بهم الأرضُ شرقاً وغربا، فعنانُ السماءِ لا يتّسعُ لضجيج صيحاتهم، وترابُ الأرضِ أًثقلَ من حجم معاناتهم.
60 بالمئة من سكان #مخيم #فلسطين سوف يخسرون أملاكهم — المخطط التنظيمي الجديد
على مدى عشر سنواتٍ من الحرب، تفرّقت عوائل بالآلاف، حرموا رؤية قرة أعينهم وفلذات أكبادهم، كحالِ “عمر” الذي فرقت الحرب بينه وبين والديه، فهم يعيشون في لبنان وهو يعيش وحيداً في مخيمات الشمال السوري.
يشكي عمر همه ويقول “أعيش غربتين، غربتي عن بلدتي، وغربتي عن أهلي وهي الأصعب والأكثرُ إيلاماً، -فغربتي عن وجه أمي، وقهوتها الصباحية، وصوتها الذي كان أكثر ما يجعلني محباً للحياة- أصعب وأقسى أنواع الاغتراب.
مع كثرة التطور مؤخراً، ومكالمات الفيديو التي باتت متاحةً، يسلّي عمر نفسه ويصبرها باتصالٍ يتكرر كثيراً يومياً مع والدته لرؤيتها والاطمئنان عن صحتها، وحسب تعبيره “بات الاتصال سبيلنا الوحيد مع قلة الحيلة، الشوق يؤرق كبدي، أتمنى أن يأخذنا الاتصال إلى أحضانِ من نحب”
“أم محمد” عجوزٌ ثمانينية، تأخذها عبرةُ البكاء والشوق دائماً عندما تجري اتصالها مع أبناءها، فالقهرُ والشوق والحرقة تحضر دائماً وتحاصر قلبها المتعب، ورجفة يديها تحكي حجم ما تقاسيه من ألم وعذاب.
مع كل اتصالٍ، تكرر أم محمد قولها المعتاد “هل ياترى سأراكم قبل أن أموت؟ الله يجمعني فيكم يا أولادي وكحل عيوني بشوفتكم قبل ما الله ياخد أمانته”
ليست أم محمد حالةً استثنائيةً، ففي كل منزلٍ هناك أمٌّ تنتظر بحرقةٍ رؤية فلذة كبدها، وزوجةٌ بانتظار زوجها الذي خرج بحثاً عن حياةٍ أفضل لعائلته.
ومع وجود ملايين اللاجئين، داخل وخارج الحدود السورية تزداد المعاناة والألم، ويزداد الشوق كيّاً لقلوب الأمهات، لتحكي حكايا الغربة الصعبة، راجين أن تنحل أزمتهم ويجمع شملهم، فهل ياترى بعد ذاك العذاب والفرقة سيجدون حلاً يعيد لم شتاتهم؟
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
إبراهيم الخطيب