باريس وجدت أكثر من 250 عائلة سورية لاجئة نفسها في الشارع في ضاحية ‘سان توان’ الباريسية، بعد أن استقبلتها السلطات الفرنسية على أراضيها لتتنصل فيما بعد عن وعودها بتوفير مأوى لأفرادها و منحهم رخص إقامة.
وتحولت إحدى ساحات الضاحية الباريسية لما يشبه مخيم عشوائي في العراء أقامه لاجئون سوريون بينهم أطفال ونساء، في انتظار أن تنظر السلطات الفرنسية في وضعيتهم، وتمكنهم من مأوى و إقامة، حيث عبر جميعهم أربع دول هي: لبنان والجزائر والمغرب وإسبانيا قبل الوصول إلى فرنسا.
وقال حمزة محمد الغضنفر لاجئ سوري قدم من مدينة حمص لـ’القدس العربي’ إنه وزوجته وأطفاله الثلاثة يبيتون في الشارع بعد أن قضوا ليلتهم الأولى في باريس في أحد فنادقها بعد أن تطوع محسن سوري بدفع نحو 6 آلاف يورو لإيواء بعض العائلات السورية لليلة واحدة لعل وعسى تلتفت الحكومة الفرنسية إلى مأساتهم دون جدوى.
وقال حمزة ‘نحن الآن نبيت في الشارع، نتوسد الرصيف أنا وأطفالي وكل اللاجئين هنا، حتى الحديقة العامة التي كنا ننام فيها أغلقوها في وجوهنا بالأقفال حتى لا ننام فيها ولا يلعب فيها أطفالنا، بشار الأسد أغلق علينا في سوريا والحكومة الفرنسية تغلق علينا هي الأخرى في باريس′.
وحتى الآن استفاد 80 شخصا من بين اللاجئين السوريين من رخصة إقامة مدتها 6 أشهر منحهم إياها الديوان الفرنسي لحماية اللاجئين و عديمي الجنسية،إلى حين البت في طلبات اللجوء التي طلب منهم تقديمها.
ولم تقدم السلطات الفرنسية و لا المنظمات التي تدافع عن المهاجرين أو اللاجئين أي مساعدات للعائلات السورية التي باتت تنام في الشوارع والساحات العمومية في ضاحية ‘سان توان’ الباريسية، باستثناء ما يجود به أبناء الجالية المسلمة من أكل و شرب وملابس.
وقالت مريم وهي متطوعة كانت تحمل بعض المساعدات الغذائية رفقة صديقاتها للاجئين إنها و صديقاتها قررن شراء بعض الوجبات الجاهزة والملابس والحفاظات للأطفال من مالهن الخاص، من أجل مساعدة العائلات السورية التي تحتاج يد العون.
وأضافت ‘عار على فرنسا التي تدعي احترام حقوق الإنسان أن تترك هذه العائلات في العراء دون أكل ولا شرب ولا مبيت، مؤكدة أنها وصديقاتها قررن أخذ بعض العائلات السورية خاصة النساء والأطفال بسيارتهن إلى بيوت أسرهن للمبيت عندهن ولو لبعض الليالي كشكل من أشكال التضامن معها، لغياب أي مساعدات من الحكومة’.
وبخصوص وضع الأطفال قال محمد طه رئيس جمعية إعادة التأهيل للحياة إنه تقدم باسم جمعيته بطلب مستعجل لإيجاد مقاعد دراسية لأطفال اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى باريس دون جدوى.
وأضاف ‘تقدمنا بمناشدات و طلبات عاجلة للحكومة الفرنسية للسماح لهؤلاء الأطفال بالدراسة حتى لا يظلوا في الشارع لكن المسؤولين الفرنسيين رفضوا طلباتنا بحجة أن عائلات الأطفال لا تمتلك عنوانا ثابتا في فرنسا’ متسائلا ‘أين هي حقوق الأطفال التي يتباهون بها؟’.
وأخبرت لاجئة سورية تدعى دليلة ‘القدس العربي’ أن مسؤولين من الديوان الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية سحبوا منهم جوازات سفرهم دون أن يمنحوهم بديلا عنها أو رخص إقامة مؤقتة باستثناء عدد قليل منهم.
وقالت إن ضباط من الشرطة الفرنسية أخضعوا بعض اللاجئين من الذكور لاستنطاقات دامت لأكثر من 3 ساعات قبل أن يطلقوا سراحهم، للتأكد من عدم وجود أي علاقة لهم ببعض الجماعات السورية المتشددة كـ’جبهة النصرة’ أو ‘داعش’ أو حتى ‘القاعدة’.
وكانت فرنسا قد دافعت في أكثر من مناسبة عن سياستها إزاء اللاجئين السوريين معتبرة أنها استقبلت في السنتين الماضيتين أكثر من 3700 من السوريين الفارين من ويلات الحرب في بلادهم، وذلك ردا على اتهامات متواصلة من المنظمات الحقوقية لباريس بدفن رأسها في الرمال إزاء الأزمة الإنسانية في سوريا.
وانتقد بيار هنري رئيس منظمة ‘فرنسا أرض اللجوء’ ما أسماه تقصير الحكومة الفرنسية تجاه اللاجئين السوريين على أراضيها، داعيا إياها إلى اعتماد ما أسماها سياسة أكثر كرما تجاه اللاجئين السوريين.
وقال إن فرنسا ومعها دول الاتحاد الأوروبي استقبل حتى الآن فقط 1′ من اللاجئين السوريين ما يفضح صدقية التصريحات الرسمية التي يدلي بها لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في هذا الشأن.
و طالب ويليام سبندلر الناطق باسم مفوضية اللاجئين العليا التابعة للأمم المتحدة في باريس بمساهمة بلدان الإتحاد الأوروبي في تخفيف العبء على البلدان المجاورة لسوريا في ما يخص إيواء اللاجئين السوريين.