التحريض الإيراني للمصريين لرفض الإتفاقيات مع السعودية، تؤكد الضرر البالغ الذي تلحقة الإتفاقيات بإيران فقد كانت إيران تراهن على عاملين فيما يتعلق بالسعودية ودورها في المنطقة .
العامل الأول هو الخلاف المصري التركي الذي يعيق التحرك السعودي لتشكيل مجموعة سياسية متجانسة لمواجهة إيران والإرهاب في المنطقة, والعامل الثاني هو انخفاض عائدات النفط التي تمنع السعودية من تقديم المساعدات لمصر.
جاءت زيارة الملك سلمان لتسقط هذين الرهانين فمن ناحية تعهد الملك بانهاء الخلاف التركي المصري بدءاً من وقف الهجمات الإعلامية بين الطرفين ، ثم الإنتقال الى مصالحة تأخذ بعين الإعتبار حجم وتأثير الأخوان المسلمين في مصر ووقف الحملات الأمنية ضدهم.
أما النقطة الثانية فقد أكد السعوديون قدرتهم على مساعدة مصر اقتصادياً ،ليس بالهبات المالية كما كان متبعاً ،ولكن باقامة شراكات اقتصادية تعود بالنفع على البلدين وتخفف من وطأة البطالة بين المصريين من خلال استثمارات سعودية بمليارات الدولارات.
ثم جاءت الطامة الكبرى بالنسبة لإيران والتي أصابتها بمغص عقلي حتى باتت تحرض اسرائيل والمصريين على هذه الزيارة حين أعلن عن ترسيم الحدود البحرية المصرية السعودية واقامة جسر الملك سلمان بين الشاطئ السعودي والمصري الذي يعني ولأول مرة منذ عام 1967 تواصل بري بين الخليج ومصر .
كل هذا يعني أن الزيارة الملكية السعودية حققت نجاحاً لا تريده إيران، الى حد أن عناوين صحفها تتهم السيسي بالنازل عن السيادة المصرية للسعودية ، فإيران تعرف حساسية الشعب المصري لقضية السيادة الوطنية التي يمكن اعتبارها قضية مقدسة في ضمير المصريين.
وبغض النظر عن انقسام المصريين حول شرعية السيسي من عدمها، فإن الشعب المصري هو المستفيد الأول من هذه الإتفاقيات على المدى الطويل، أما تأثير السعودية في الخيارات المصرية والذي توهمته إيران ، فسوف يكون في إطار الخيارات القومية، وليس أكثر من ذلك وهذا مايقلق إيران بطبيعة الحال ،فقد كانت تراهن على فقدان التنسيق على المستوى القومي مع مصر ،وهي الدولة العربية الوحيدة اليوم القادرة على المساهمة في الأمن القومي العربي بعد انهيار العراق وسوريا والفوضى اليمنية وهيمنة حزب الله على لبنان.
لذلك أصبح خيار توجه العربية السعودية نحو مصر خياراً استراتيجياً يفرض نفسه بقوة في ظل الأوضاع العربية المتدهورة هذه الأيام .
خالد المحاميد – المركز الصحفي السوري