ذكرت صحيفة Le monde الفرنسية أمس الجمعة 31 أيار (مايو) في تقرير لها حول ظروف العمال الموسميين السوريين الذين فروا إلى تركيا هربًا من الحرب و مجازر النظام السوري، أن عشرات الآلاف من المنفيين السوريين يحاولون كسب عيشهم من خلال العمل في الحقول التركية، لكنهم يقعون فريسة للاستغلال والبؤس.
وقال كاتب التقرير نيكولا بورسييه مراسل الصحيفة الخاص في أضنة، غازي عنتاب (تركيا): وفي غازي عنتاب، أقصى جنوب تركيا، على بعد حوالي 50 كيلومترًا من الحدود السورية، لم يكن موسم الثوم والفستق قد بدأ بعد. وكان من المقرر حصاد القطن في سبتمبر. لقد حان الوقت لتجفيف الفلفل والفلفل الحار والباذنجان التي امتدت على مد البصر، عبر المناظر الطبيعية ذات الألوان الزاهية الممزوجة بالأصفر والأحمر والأسود، وتحيط بها التلال التي كانت مرقطة بشدة في الضوء المنبعث من شجرة. السماء الناريه. هنا، على مرتفعات بلدة «أوجوزيلي» الصغيرة النائية، كان نحو عشرة سوريين يكدحون في حصاد محصول اليوم. كان بعضهم يحمل قفازات، وسكينًا فقط كأداة، وجبالًا من الصناديق التي يجب ملؤها قبل وصول الشاحنات، وهي بقايا قديمة من زمن الرخاء العابر. عالم من العمل والعرق والصمت، مستسلم بالكامل للاستغلال والبؤس.
عبد الله زهرة، 17 عامًا، الذي وصل من مدينة حلب عام 2012 هربًا من الحرب في سوريا مع عائلته بأكملها، بدأ العمل في هذه الحقول منذ عامين، بعد أن ترك المدرسة، حيث تعلم بسرعة التحدث باللغة التركية. قال المراهق بصوت منخفض: “أفضل الأمر هنا، حتى لو كان الأمر صعبًا، فهو صعب جدًا”. يعيش عبد الله مع إخوته الثلاثة ووالديه وعمه في شقة بالمدينة. وقال: “عائلتنا تعيش بشكل جيد”. “معظم العمال الموسميين مثلنا يعيشون في خيام بالقرب من الدفيئات الزراعية أو الأراضي الزراعية.”
“ما يصل إلى 15 ساعة يوميا”
يبدأ العمل عند الفجر وينتهي عند المغرب، ويمتد ما بين 10 إلى 11 ساعة يقضيها في الحقول، 7 أيام في الأسبوع، مع يوم إجازة كل أسبوعين، حسب حجم العمل.
وقال عبد الله، الذي كان وجهه مرهقًا من التعب، إنه كان يكسب 600 ليرة تركية يوميًّا، أي ما يعادل 17 يورو (أو حوالي 450 يورو شهريًا) في الأشهر الجيدة. علاوة على هذا المبلغ، حصل على ما بين 500 و700 ليرة تركية للشخص الواحد ولكل طفل (بين 14 و20 يورو) كمساعدة شهرية ممنوحة للعائلات السورية من قبل الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي. وقال “على العموم، ليس كثيرا”. ولا يكفي حتى للوصول إلى الحد الأدنى للأجور التركي (17500 ليرة تركية، أو ما يزيد قليلًا عن 500 يورو شهريا)، والذي بدوره يقع تحت خط الفقر مباشرة.
ويذكر أن أكثر اللاجئين السوريين لا يمكنهم الحصول تصاريح العمل في تركيا التي تضمن حقوقهم و بالتالي سيقع غالبهم فريسة الاستغلال من قبل أصحاب العمل حيث يستغلون حاجتهم للعمل بسبب البؤس الذي يعيشونه لإعالة أسرهم بما يبقيهم على قيد الحياة منذ أكثر من 13 عامًا.