طغت ظاهرة التّنمر مؤخراً في المدراس ضمن مناطق سيطرة النظام بشكلٍ لافتٍ، والتي كان لها تبعاتٌ وحوادث خلفت الأذى، كان آخرها طفلٌ في اللاذقية.
أم أحمد فقدت منزلين ولا تعرف الطريقة الصحيحة لتوثيق ما تملك
نقلت مصادر إعلاميةٌ محليّةٌ ناشطةٌ في مناطق سيطرة النظام، عن مديرة المشفى الوطني باللاذقية الدكتورة سهام مخول اليوم الثلاثاء، عن تعرض طفلٍ في الصف الخامس الابتدائي للضرب من قبل زملائه ضمن المدرسة، مما اضطره إلى عملٍ جراحيّ إسعافيّ انتهى باستئصال الطحال.
حالة التنمر هذه، ليست الوحيدة؛ فالمئات وربما الآلاف من تلك الحوادث تقع بشكلٍ متكررٍ، ومنها من أودى بحياة طلابٍ؛ فقد سقط طالبٌ في الصف الثامن في إحدى مدارس مصياف بريف حماة، ضحية مشاجرةٍ مع زميله في المدرسة في تشرين الأول الفائت، عقب تعرضه للضرب الذي تسبب بتوقف قلبه بشكلٍ مفاجئٍ.
ونستذكر هنا، قصة الطفلة رنيم التي فارقت الحياة في صفها السادس بمدرسة البيطارية في ريف دمشق في تشرين الثاني عام 2018، نتيجة ضربها بطريقةٍ عنيفةٍ على يد زميلها لتسقط على رأسها وتتوفى على الفور.
وقد تساءل المصدر في المنشور عن عدم تواجد أيّ من المدرسين في باحة المدرسة، وهو أمر متعارفٌ عليه، لضبط الأمور و منع وقوع هكذا حوادث بين الطلاب فهل ألغي دوره.
إلا أن قوانين منع الضرب والتعنيف التي منعت المعلم من ممارستها، جعلته يهمل دوره التربوي في التوجيه والمتابعة والمحاسبة لينأى بنفسه عن الوقوع في متاهات المواجهة مع أولياء الأمور في حال الفصل أو الطرد أو إنقاص العلامات، خوفاً مما يمكن أن يهدد سيرته الذاتية ومواجهة العقوبات في حال الشكاية.
وعلى صعيدٍ آخر، لابد من الحديث هنا أن الكثير من المعلمين نتيجة الإحباط المعيشي والظروف القاسية التي تمرّ على البلاد في مناطق سيطرة النظام، يتقاعسون عن أداء واجباتهم في التوجيه والتربية. فالعديد من الأهالي تشتكي أن الطفل يلجأ للمعلم في حالة تعرضه للتنمر، إلا أنه ينهره أو يتجاهل الأمر دونما معالجةً، الأمر الذي يجعل الطفل أمام خيارين إما انتهاج التنمر ومواجهة العنف بالعنف أو الاستكانة واتخاذ دور الضحية.
عشر سنوات من الحرب بمشاهدها الدموية وضغوطها المعيشية والنفسية فضلاً عن حالة الكبت، كانت كفيلةً بنشوء جيلٍ يفتقر للضوابط الأخلاقية والسلوك القويم والتوازن النفسي.
كما لايخفى علينا دور الألعاب الإلكترونية التي تشجع على العنف مثل لعبة بوبجي التي أدمنها الجيل، بالإضافة إلى المحتوى الإجرامي المتنامي في الدراما السورية وغيرها من الإنتاج الدرامي العربي، لتكون النتيجة جيلاً يتخذ العنف منهجاً.
للمدرسة دورٌ رافدٌ في تربية الطفل التي تتولى مهمتها الأسرة السورية التي قد تكون فقدت معيلها نتيجة ظروف الحرب، أو انشغاله في الحصول على لقمة العيش التي لا يكاد يوفرها في ظل الغلاء والأزمات والبطالة، أو حتى تشجيع الأهالي أبناءهم على التنمر واعتباره سلوكاً مقبولاً، في ظل تهالك المجتمع السوري.
إن الإهمال والاحباط والرواتب المتدنية والفقر والبطالة والآثار النفسية المدمرة للحرب، عوامل لابد من معالجتها قبل الالتفات للتنمر، ولكن النظام الذي يكرس جهوده ويوجهها لقمع الشعب السوري، منشغلٌ عن إيجاد الحلول لها أو الالتفات إليها.
صباح نجم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع