كم مرة صادرت الحرب أحلام الجميع كم مرة دمرت طموحاتهم ، كم أمل كان على قيد التنفيذ ثم تحطم في سنين القهر والنزوح والغربة. هذا حال الكثير من الشباب السوري الذين ماتت أحلامهم على عتبات الألم والتهجير سواء كانت الصغيرة أم الكبيرة، في مجال الدراسة والعمل أو في الزواج وبناء العائلة وتحقيق الاستقرار الأسري.
” إني اتزوج ويصير عندي عيلة حلم صعب يتحقق بهالظروف” يقول الشاب الثلاثيني شادي وهو من ريف إدلب يقيم في السعودية منذ 10 سنوات بنبرة شوق لرؤية أهله في سوريا ومشاعر حزن لسوء حاله الذي كان عكس طموحه ، فقد جاء إلى السعودية ليعمل ويحقق دخلا ماديا جيدا له ولأهله و لكي يبني العائلة الخاصة به ويتزوج من خطيبته لمى التي تنتظره منذ سنتين ولكن توقعات أحلامه باءت بالفشل في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدنية لأنه يقوم بإرسال كل ما يجنيه إلى أهله لتأمين متطلباتهم وإيجار المنزل بعد نزوحهم من بلدتهم خاصة أنه الابن الأكبر لعائلته.
يتابع شادي حديثه والأسى يملأ عينيه الواسعتين ويقلب بالصور على هاتفه ليخفي غصة الوجع والتعب والشوق، فيهيم بناظريه بعيدا حيث الأفق ” الي 10 سنين هون بشتغل وكل سنة بقول رح تفرج وارجع لعند أهلي وخطيبتي بس للأسف الأمور كل مالها على أسوأ” موضحا حجم المعاناة التي يعيشها أهله بعد تهجيرهم من قبل قوات النظام واستيلائها على البلدة ومزارعها والتي كانت تشكل دخلا لابأس به لهم.
“بفكر أحيانا اترك خطيبتي وقلا الله يبعتلك شب أحسن مني” يقول شادي والحزن يعتصر قلبه فإمكاناته المادية لا تسمح له بالزواج في الوقت الحالي والذي طالما قام بتأجيله مرارا نظرا لارتفاع تكاليفه ويتابع شادي حديثه بنبرة مجبولة بالأسى والحزن ” كل مرة منستنى لينزل سعر الدهب بس توقعاتنا كلا فاشلة لأني كل فترة بيرتفع بشكل جنوني” فيأتي الواقع عكس الآمال المعقودة عليه والأحلام المأمولة.
وفي حديث رامي وهو شاب في العقد الثالث من العمر من ريف حمص ويقيم في تركيا معاناة أخرى تحكي قصة خطبته من ريم حيث وجد نفسه أمام عتبة الاختيار بين شراء الذهب وبين تكاليف حفل زفافه ليصل في النهاية للخيار الأول والاقتصار على حفل زفاف صغير، فيقول بكلمات ممزوجة بالتعب والخيبة” كل شي غالي وماقدرتي اني افرش بيت واشتري دهب لهيك استغنينا عن كتير شغلات” مبينا كمية الحزن لعدم تأمين متطلبات زواجه بشكل كامل في ظل الظروف القاسية للحرب واللجوء.
الحرب في سوريا قتلت آلاف الشباب وشردت المئات منهم ودمرت نفوسهم وطموحاتهم وجعلتهم عرضة للفقر وعدم الاستقرار ولأن الزواج مرتبط بالظروف المادية والأمان والاستقرار أجبر الشباب للعزوف عن فكرة الزواج أو تأجيله أو الاقتصار على الحاجات الضرورية لإتمام الزواج.
قصة خبرية /خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع