تركيا تدعو روسيا للجم النظام السوري ووقف هجومه على إدلب وموسكو تطالبها بوقف «هجمات المعارضة» على «حميميم»
إسماعيل جمال
إسطنبول ـ «القدس العربي»: اشتدت الخلافات بين الدول الثلاث الضامنة لاتفاق مناطق «خفض التوتر» في سوريا (روسيا وإيران وتركيا) وذلك على خلفية هجوم النظام السوري وتكثيف الغارات الجوية الروسية على محافظة إدلب بينما اتهمت موسكو فصائل المعارضة المتواجدة فيها بالمسؤولية عن الهجمات بطائرات بدون طيار استهدفت قواتها في قاعدتي حميميم وطرطوس.
فبينما طالبت تركيا التي استدعت وزارة خارجيتها السفيرين الروسي والإيراني بوقف الهجمات على إدلب ولجم النظام السوري محذرةً من نوايا الهجوم البري الذي يشنه على المحافظة، طالبت روسيا الجيش والاستخبارات التركية بالعمل على وقف الهجمات بطائرات بدون طيار من المحافظة وهو ما اعتبرته انتهاكاً للاتفاق.
اتهامات متبادلة
وبينما اعتبرت روسيا أن تصاعد الهجمات على إدلب يأتي رداً على الهجمات الجوية على قواعدها الجوية في سوريا، حذرت تركيا من أن الأمر يتعلق بنوايا مختلفة تتعلق بنية النظام التقدم برياً في محاولة لاستعادة المحافظة، لا سيما مع سيطرة النظام وميليشيات إيرانية فعلياً على قرى تابعة للمحافظة والأنباء التي تحدثت، أمس، عن اقتراب قوات النظام من قاعدة أبو الضهور العسكرية في محاولة لاستعادتها.
ودعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس الأربعاء، موسكو وطهران إلى لجم هجمات النظام السوري على مناطق خفض التوتر المتفق عليها، وقال: «الأوضاع على الساحة السورية معقدة، لذا من المتوقع أن تحدث بعض الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن ما يحصل في الفترة الأخيرة من اعتداءات على مناطق خفض التوتر، تجاوز حد الانتهاكات المتوقعة».
وشدد على أن 95 ٪ من الانتهاكات تأتي من قِبل قوات النظام السوري والداعمين لها، مضيفاً: «لولا الدعم الإيراني والروسي، لما تجرّأ النظام السوري وقام بهذه الانتهاكات، فالنظام لا يستطيع التحرك بمعزل عن إيران وروسيا».
وصباح أمس، قالت الوكالة التركية الرسمية إن السفير الإيراني في أنقرة «محمد ابراهيم طاهريان فرد» وصل إلى مقر وزارة الخارجية التركية، عقب استدعائه للتعبير عن انزعاج تركيا من هجمات النظام السوري على محافظة إدلب المدرجة ضمن مناطق خفض التوتر، وذلك بعد يوم واحد من استدعاء الخارجية التركية للسفير الروسي «أليكسي يرخوف»، حول المسألة نفسها.
وأعربت تركيا للمسؤولين الروس والإيرانيين عبر قنوات عسكرية ودبلوماسية عن انزعاجها من انتهاكات النظام لمناطق خفض التوتر.
انتهاكات النظام
وفي السياق ذاته، استقبل مستشار الخارجية التركية السفير أوميت يالتشين، رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة رياض سيف، وبحث مع وفد المعارضة أيضًا موضوع الانتهاكات.
وادعى الجيش الروسي أن الطائرات المسيرة التي هاجمت الأسبوع الماضي القواعد الروسية في سوريا انطلقت من محافظة إدلب، وقالت وزارة الدفاع الروسية «لقد تبين أن الطائرات المسيرة أطلقت من بلدة الموزرة الواقعة جنوب غربي منطقة إدلب المشمولة باتفاق خفض التوتر والخاضعة لسيطرة مجموعات مسلحة من المعارضة المعتدلة».
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت الاثنين أن «عشر طائرات بدون طيار محملة متفجرات» هاجمت قاعدة حميميم الجوية الروسية ليل 5-6 كانون الثاني/يناير فيما هاجمت ثلاث طائرات أخرى قاعدة الأسطول الروسي في طرطوس في سوريا بدون أن يؤدي ذلك إلى سقوط ضحايا أو أضرار، فيما لم تعلن أي جهة سورية مسؤوليتـها عن الهـجوم.
وقالت مصادر روسية إن وزارة الدفاع طلبت من رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان «ضرورة احترام أنقرة التزاماتها الهادفة إلى ضمان وقف إطلاق النار في منطقة خفض التوتر في إدلب» ودعت تركيا إلى «منع وقوع هجمات مماثلة من طائرات مسيرة».
وكان لافتاً في تصريحات جاويش أوغلو، أمس، تأكيده على أن ما يجري «لا يتعلق بمجرد هجوم جوي، النظام لديه نوايا أخرى وهو يتقدم في إدلب»، وذلك بعد أن شدد الثلاثاء أن روسيا والنظام يهاجمان المعارضة المعتدلة بحجة الهجوم على جبهة النصرة.
هجمات مكثفة
وقتل أكثر من 70 مدنياً وأصيب ما يزيد عن 185 آخرون في الهجمات الجوية المكثفة المستمرة منذ حوالي 3 أسابيع على إدلب، والجمعة الماضية، تقدمت قوات النظام بدعم من ميليشيات إيرانية، وبغـطاء جوي روسي، في مناطق شمال شـرقي محافظة حماة وجنوبي محافظة إدلب في إطار هجوم بدأ على مواقع المعارضة أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأمس الأربعـاء، اقـتربت قوات النظـام السـوري من قاعدة «أبو الضهور» الاسـتراتيجية شـمالي إدلـب في محاولة للسيطرة عليها بعد أن فقدها النظام عام 2015.
وتخشى تركيا أن يؤدي تصاعد هذه الهجمات إلى تحول إدلب لـ»حلب جديدة» لا سيما حدوث موجات هجرة واسعة جديدة، حيث تتوقع جهات تركية أن ينزح قرابة مليونين من سكان شمالي سوريا وخاصة إدلب إلى داخل الأراضي التركية في حال تصاعد الهجوم على المحافظة، وبالفعل تحدثت وسائل إعلام تركية، أمس الأربعاء، عن بدء حركة نزوح لعشرات الآلاف نحو الحدود التركية من مناطق الهجوم البري للنظام السوري جنوبي إدلب.
كما تخشى تركيا انهيار اتفاق مناطق «خفض التوتر في إدلب» الذي مكنها من إقامة عدد من نقاط المراقبة داخل المحافظة في مسعى منها لمنع حصول موجات هجرة وإعاقة أي محاولة للولايات المتحدة من أجل الدفع بالوحدات الكردية للسيطرة على المحافظة بحجة الحرب على التنظيمات المتشددة.
وأعلن وزير الخارجية التركي أن جيش بلاده بدأ فعلياً في إقامة نقطة المراقبة الرابعة في إدلب، حيث أظهرت مقاطع فيديو بثها الجيش التركي قبل أيام لما قال إنها نقطة المراقبة الأولى في إدلب، وتظهر على شكل قاعدة عسكرية تم تجهيزها بمعدات عسكرية واسعة وعدد كبير من الدبابات وأنظمة المراقبة والصواريخ.