هو حيٌ من أحياء حلب الغربية، لم يذكر في وسائل الإعلام السورية قبل الثورة إلا بشكل خجول على اعتباره جزءاً من العشوائيات التي ازدادت في العقدين الأخيرين من عمر المدينة، هو من الأحياء المهمشة, وهو خير مثال عن الأحياء الفقيرة المزدحمة بالسكان التي كان يشعر أهلها بظلم اجتماعي وبتهميش كبير على جميع الأصعدة، لذلك كان حاضنا مهما للثورة.
اندلعت المظاهرات في مدينة درعا ضد نظام بشار الأسد، وبالتأكيد كان لتلك المظاهرات انعكاسات على نفوس أهل صلاح الدين الحلبي وهم الذين عرف عنهم الشهامة ونصرة المظلوم، فبدأت النفوس تغلي حقدا وكراهية ضد تصرفات النظام القمعية وتكونت النواة الثورية الأولى وكانت في بدايتها عبارة عن مجموعة من شباب الحي الذين أسّسوا تنسيقية الثورة في حي “صلاح الدين” وبدأت أولى أعمالها الثورية بالكتابات المناهضة للنظام على جدران المدارس وبعض الأبنية داخل الحي بالتزامن مع نشوء تنسيقيات مماثلة للثورة في الأحياء المجاورة.
تطور العمل الثوري السلمي داخل الحي ليتحول إلى مظاهرات بدأت بالعشرات من المتظاهرين الذين اتخذوا من مسجد صلاح الدين مركزا لانطلاقهم بعد أداء صلاة الجمعة لكنها كانت تواجه بأساليب القمع والضرب والاعتقال من قبل عناصر الأمن والشبيحة، أصبحت تلك المظاهرات حالة يومية وخصوصا عند المساء فيما يعرف بمسائية “صلاح الدين” حيث أصبح الحي قبلة للثائرين الحلبيين الذين كانوا يتوافدون إليه للمشاركة بالمظاهرات المسائية من مختلف أحياء حلب الأخرى.
تعاظمت المظاهرات داخل الحي من حيث الأعداد التي أصبحت بالمئات ثم الآلاف من جهة ومن حيث رقعة امتدادها داخل الحي من جهة أخرى، فوقعت في الحي مجازر عدة نتيجة تصدي قوات الأمن والشبيحة لتلك المظاهرات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين العزّل، وفي هذه الفترة تشكل مجلس ثوار صلاح الدين الذي كان له الدور البارز في تأجيج نار الثورة داخل الحي وخصوصا توسيع حركة المظاهرات وتنفيذ الإضرابات والعصيانات داخل الحي.
ما لبث الحراك السلمي في الحي أن تحول إلى حراك مسلح، وقد كانت بدايته عندما شرع بعض العناصر من مجلس ثوار صلاح الدين وهم من أبناء الحي بحماية المظاهرات السلمية في الحي باستخدام الأسلحة الخفيفة حمايتها من عناصر الأمن والميليشيات الشعبية التي باتت تستخدم الرصاص الحي في تفريق المظاهرات السلمية.
أما الدخول الفعلي لكتائب الثوار كان يوم الجمعة 21\7\2012 في أول أيام شهر رمضان المبارك حيث أطلق الشهيد عبد القادر الصالح قائد لواء التوحيد اسم ” معركة الفرقان” من أجل تحرير مدينة حلب وبدأت الاشتباكات بشكل عنيف بعد صلاة الجمعة في حي صلاح الدين لتمتد الاشتباكات لباقي الأحياء وخلال شهر رمضان تمكن الثوار من تحرير 70% من أحياء مدينة حلب.
شهد الحي في تلك الفترة موجات نزوح كبيرة حتى خلا تماما من السكان وتم قصفه بمختلف أنواع الأسلحة وعلى رأسها الطيران الحربي وتدمر ما لا يقل عن 50% من الأبنية السكنية داخله، حاولت قوات النظام مدعومة بالمليشيات الشيعية وعناصر الدفاع الوطني مرار وتكرارا السيطرة على الحي ولكنها في كل مرة كانت تتعرض لخسائر فادحة في الأرواح والآليات نظرا للمقاومة العنيفة من قبل ثوار صلاح الدين وفصائل الجيش الحر المتواجدة في الحي.
وحتى يومنا هذا لم تتمكن قوات النظام من السيطرة إلا على ربع مساحة الحي وبقيت المساحة المتبقية من الحي عصية عليها، وتستمر الثورة، ويستمر صمود حيّنا الحلبي.
مجلة الحدث – فادي أبو الجود