أصبحت مسألة حرية التعبير عن الرأي .. مثارَ جدل في العديد من الدول والمجتمعات .. الأمر الذي دفع ببعضها لوضع معايير خاصة .. تمثل إطار عام للمساحة الممكنة في التعبير …كما هو الحال في الولايات المتحدة -على سبيل المثال… التي وضعت المحكمة العليا فيها مقياسا .. لما يمكن اعتباره إساءة أو خرقا لحدود حرية التعبير ..
هناك مشكلة كبيرة في فهم حرية التعبير .. والتي يبحث عنها الكثيرون .. وتصل المسألة في انتقاد الآراء إلى حد التخوين .. والاتهامات بالهدم وغيرها من الاتهامات .. التي تقلل من حجم الحريات .. والذي ينعكس شيئا فشيئا على ثقافة الدولة … لذلك كان السؤال لعدد من المثقفين .. عن أبعاد حرية الرأي والتعبير …وهل يخضع هذا المصطلح لضوابط أخلاقية .. وغيرها من الضوابط… ؟
إن الحرية لها حدود وضوابط .. يجب أن يضعها الإنســـان لنفسه أولا …قبل أن يضعها لغيره – …هذه الضوابط لا يجـــــب أن تكون مستوردة …- ويجب أن تكون ضوابط الحرية مستمدة من الأديان السماوية .. وتراثنا وقيمنا العربية .. والاجتماعية .. –
لنعرف أن الحرية .. ما واكب الشرع والأخلاق وتقاليد مجتمعنا …وليس ما يواكب الموضة – …ومن هنا نجد أن الأديان و القوانين .. جاءت لتضبط حدود استخدام الحرية … بحيث لا تطغى حرية فرد على فرد آخر ..ولا حرية الفرد على حرية الجماعة …
إن أعظم هدية من الخالق للمخلوق هي الحرية …- وأرقى وأسمى مهمة قام بها الأنبياء جميعا …هي تحرير الإنسان ..وتحرير النفس البشرية من الخوف والكفر ..والقلق والجبن …لفد كسر الأنبياء تلك القيود …التي تكبد عقل ونفس الإنسان من الجهل .
فالحرية إذن مطلب لا يختلف فيه اثنان؛ إلا أن تلك الحرية لا تؤتي ثمارها الحقيقية … إلا في ظلال الممارسة الصحيحة لها… بما لا يتعارض مع الدين… أو الأخلاق… أو قوانين الدولة… أو حقوق الآخرين ..
وأعظم معجزة وضعها الله في الإنسان هي العقل .. وهو ما يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات ويرفع من شأنه …- فبهذا العقل يختار الإنسان ويقرر ويشاء …وله مطلق الحرية أن يشاء ويقرر .. .
إن للحرية حدودا وضوابط يجب أن يضعها الإنسان لنفسه أولا قبل أن يضعها لغيره في كل شيء متعلق بحياته اليومية .. سواء دينية او اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية -… هذه الضوابط لا يجب أن تكون مستوردة -.
محمود عبد الهادي