نقلت بعض وسائل الإعلام العبرية عن مصادر استخباراتية إسرائيلية تقديراتها بأن الكرملين بدأ يغير موقفه من رئيس النظام السوري بشار الأسد وذلك استنادا لتقارير إعلامية روسية هاجمت الأخير بشكل غير مسبوق في الأيام الأخيرة.
وقالت القناة الإسرائيلية 12 الأحد إن وسائل إعلام شبه رسمية في روسيا حملت على بشار الأسد ورجحت ألا يتم ذلك دون إيعاز من الذي أنقذت طائراته النظام السوري من السقوط، الرئيس فلاديمير بوتين.
ونوهت القناة الإسرائيلية إلى نشر عشرة مقالات على الأقل بالتزامن ضد “نظام بشار الأسد، فساده وبؤسه” مؤكدة أنها ما كانت لترى النور دون توجيه الكرملين.
واعتبرت القناة الإسرائيلية 13 أيضا أن هذه المقالات الهجومية على الأسد ليست سوى تلميح ورسالة مفادها أن موسكو نفد صبرها وتكاد تفقده إزاء إدارة الأسد لشؤون بلاده.
ونقلت القناتان الإسرائيليتان عن موقع إخباري روسي قوله: “فيما يغرق الشعب السوري في مستنقع الفقر فقد اقتنى بشار الأسد لوحة فنية خلسة قيمتها ثلاثين مليون دولار كهدية لزوجته أسماء الأسد الآخذة بالتعافي بعد علاجات طويلة نتيجة إصابتها بمرض سرطان الثدي.
بعضها أشار لاقتنائه لوحة لزوجته أسماء بـ30 مليون دولار فيما يموت السوريون فقرا
ويوضح الموقع الإخباري الروسي، الذي لم يكشف عن هويته في التقارير الإسرائيلية، أن الحديث يدور عن لوحة “الدفقة الكبيرة” وفيها رسم لنافورة كبيرة تضخ ماء للأعلى من وسط بركة استحمام في حديقة قصر في فيلاديلفيا للفنان البريطاني ديفيد هوكني. وقد تم اقتناء اللوحة هذه من قبل شخص مجهول بعدما طرحت في المزاد العلني.
وفي تقارير إعلامية روسية أخرى تم وصف بشار الأسد كرئيس ضعيف عاجز عن مواجهة الفساد وفاقد لثقة أوساط المال والأعمال في سوريا.
وحسب استطلاع رأي أجراه معهد روسي فإن 32% فقط من السوريين كانوا سيصوتون لبشار الأسد إذا جرت انتخابات عامة في العام القادم.
وتوجه وسائل الإعلام الروسية اتهامات قاسية لرئيس الحكومة السوري عماد خميس منها سرقة منتوجات نفطية بقيمة ملايين الدولارات تم شحنها من إيران وقام بتهريبها لتركيا بواسطة نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيئ الصيت. ونوهت القناتان الإسرائيليتان 12 و13 إلى بدء معلقين روس بالتساؤل حول إمكانيات استبدال الأسد برئيس آخر ويذكرون المقرب لجنرالات روس الكولونيل سهيل الحسن قائد كتائب “النمور” الذي سبق وحاز على ميدالية ثمينة من الرئيس بوتين.
بدائل للأسد
كذلك يطرح معلقون روس اسما مقترحا آخر وهو أحمد جربة رئيس المعارضة سابقا الذي يوصف وكأنه مشرح التوافق الأفضل لدى الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.
وفي تقرير آخر يقوم جنرال روسي خرج للتقاعد للتو بتوجيه انتقادات لعناد بشار الأسد الذي يحول دون إحراز أي صلح أو تسوية سياسية.
ووفقا للقناتين 12 و13 تعتبر الاستخبارات الإسرائيلية أن كل ذلك ينطوي على رسالة من بوتين للأسد: “إن لم تبد طاعة ستتم الإطاحة بك”.
وقال محلل الشؤون العربية إيهود يعاري المقرب من الدوائر الأمنية الإسرائيلية إن المواد الصحافية التي نشرتها وسائل إعلام روسية في الأيام الأخيرة تعني أن الأسد يتعرض لوجبات إهانة من سيده ووليه بوتين، مرجحا أن بوتين صادق على مثل هذه المضامين ضد الأسد منوها لنشرها في وسائل إعلام يملكها “طباخ بوتين” وهو رجل الأعمال الملياردير يفغيني فريغوزين الذي يقدم خدمات طعام وتضييفات للكرملين وبحوزته شركات للاستشارة والحراسة وسبق أن أرسلت مرتزقة للقتال في سوريا وليبيا.
ويتساءل يعاري عما حصل وعن مناصبة بوتين على طريقته الملتوية هذا العداء للأسد ويقول إن الجواب يكمن برغبة الرئيس الروسي بتبليغ الأسد رسالة حادة تحمل تهديدا مفاده إما إلقائه من قصر الشعب أو الطاعة له.
ضباط سوريون مقربون للكرملين
وأوضح يعاري أن بوتين يريد أن يقوم الأسد بمنح شركات روسية كل امتيازات عمل ترغب بها على الأراضي السورية ووضع قيادة الوكالات الاستخباراتية السورية بيد ضباط مقربين من روسيا لا لإيران. ويرى يعاري أن الإطاحة بالأسد واردة على أجندة بوتين بحال كانت مفيدة له ناصحا إسرائيل بمتابعة هذه “الديناميكية الغريبة الآخذة بالتطور مقابل أعيننا”.
وقال محرر الشؤون العسكرية في القناة الإسرائيلية 13 ألون بن دافيد إن هناك جهات في إسرائيل تحلم بصفقة مع الأسد تشمل طرد حزب الله وإيران من سوريا يكون الرئيس بوتين عنوانها لا الأسد الذي يتعرض للإهانة الآن من قبل الروس.
الصراع على المصالح والموارد في ذروته
من جهته قال المحلل الإسرائيلي من أصل روسي دانئيل راكوف في مدونته داخل موقع صحيفة “زمان يسرائيل” إن بوتين لم يتنازل بعد عن الأسد معتبرا أن الروس لا يملكون بديلا له. ونوه لنشر 120 تقريرا في وسائل إعلام روسية بعدة لغات هاجمت الرئيس الأسد ومقربيه وأثارت أصداء في منتديات التواصل الاجتماعي.
ويسخر راكوف مما نشرته وسائل الإعلام الروسية وقال إنها تتعامل مع بشار الأسد وكأنه نظام عادي وغير استبدادي. وقال إن الكثير من هذه التقارير قد نشرت وسرعان ما شطبت، معتبرا أن ذلك كان مخططا وأن الحديث يدور عن حملة على الوعي تم وقفها بعد أيام لأن الرسالة قد وصلت الأسد. ولا يستبعد أن الكرملين طلب من فريغوزين شطب ما نشر من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من الأسد نفسه. ويتابع: “بكل الأحوال يبقى أن الأسد هو المستهدف في التقارير الروسية لكن موسكو لا تنوي استبداله بل إيصال رسالة له”.
في المقابل يرى معلقون إسرائيليون آخرون أن ما نشر ليس بالضرورة يعبر عن موقف بوتين لأن روسيا تتسع لأكثر من صوت واحد. وتابع معلق الشؤون الدولية في الإذاعة العامة بالقول إنه ليس بمقدور روسيا أن تفعل ما تشاء في سوريا بسبب وجود قيود على القوة ولذلك فهي تلجأ لممارسة ضغوط على الأسد لدفع مصالحها للأمام. وأضاف: “الصراع بين روسيا وإيران ومقربين من بشار الأسد يدور على مقدرات ومصالح اقتصادية وهو الآن في أوجه”.
عائلتا الأسد ومخلوف
وفي سياق التعليق على هذه القضية يستذكر موقع “نيوز 1” الإسرائيلي خلافات عائلتي الأسد ومخلوف وإحراق فندق يملكه قريب رئيس النظام السوري رامي مخلوف في موسكو اتهم مقربون من الأسد بإشعاله.
وقال الموقع إن ملاحقة عائلة الأسد لعائلة مخلوف تم تبريرها ضمن “مكافحة الفساد” وأشار لوقوف أسماء الأسد خلف هذه الإجراءات وهي التي ترأس المكتب المالي في القصر الرئاسي وذلك بهدف المساس بإمبراطورية الأعمال التي تملكها وتديرها عائلة مخلوف التي باتت في علاقات عداء مع عائلة الأسد بعدما كانتا حليفتين.
القدس العربي