وائل الحموي – المركز الصحفي السوري
في عشرينيات القرن الماضي انتسب أدولف هتلر إلى حزب العمال القومي الاشتراكي “والذي أختصر فيما بعد بكلمة نازي، وسرعان ما أصبح الأبرز في هذا الحزب ومن ثم رئيسه، بسبب موهبته الخطابية التي كانت تُلهب حماس مناصريه، و صوته الرنان الذي يدوّي في مؤتمراتهم واجتماعاتهم
هذه الصفات لدى هتلر دفعت محبيه المتشددين يذهبون نحو تمجيده وتعظيمه وإسباغ صفات خارقة عليه، كل ذلك أدى لإيمان هتلر بالفردية وسيلة وحيدة للحكم.
ولايخفى على أي متابع كيف دمر هذا الديكتاتور بلاده، كما كان مسؤولًا عن جرائم تُعد من أبشع الفظائع التي ارتُكبت في القرن العشرين.
وبالرغم من فشل كل ظواهر التمجيد في الماضي، لانزال نراها في الشارع العربي، ولفهم هذه الظاهرة لابد من التعرج لفهم معنى الديكتاتور وكيفية صناعته.
يقول مؤسس أكادمية التغيير في دورة ثورة الأفكار الأستاذ وائل عادل: الديكتاتور شخص مريض، يرى نفسه فوق الناس، فهو أعلمهم وأفهمهم، وهم رعيته وجنده، يستغل حاجتهم ليلبي حاجته، فالديكتاتور بحاجة إلى شعب يطيعه، وأفواه مفتوحة أمام كلماته العبقرية، لا يُناقش إلا إن وجد النقاش يزيده فخامة، ويوسع من دائرة التفاف الناس حوله، وهو يعاني من أزمة الصوت العالي، لأنه يعشق سحر صوته، لذلك تجده يصرخ في من حوله حتى يشعر بالسعادة وبسيطرته على مملكته. من أجل ذلك كانت معالجته واجباً أخلاقياً على كل المجتمع.
اذاً إن من يصنع الدكتاتور ومعه الديكتاتوريه ؟! بإجماع كتاب التغيير وثورة الفكر اتفقوا إن الذي يصنع الدكتاتور ومعه ديكتاتوريته، وتجبره على شعبه هو جبن الشعب وميله الى الركون والانزواء الى الراحة وطلب الأمان على المجاهرة بالحق والوقوف في وجه الظالم وأعوانه وبطانته. من هنا يبدأ هؤلاء العبيد ينظرون إلى الحاكم على أنه المخلص الوحيد, فهو رجل الأمن الأول مانع الفوضى، صمام الأمان الذي يحميهم بداية من اللصوص وقطاع الطرق و حتى الحروب مع الأعداء الخارجيين.
فيبدأ المحيطون به يصنعون له خطب التمجيد والشكر والدعاء له بالعمر المديد والعقل الرشيد والصحة الوافرة والتوفيق الدائم لأنه هو ومن بعده الطوفان. فيجعل الدكتاتور هؤلاء الحمقى الجبناء يصلون لله شكرا لأنه هداهم إليه فلا أحد خير منه ولا أحد يعرف ما يعرفه.
وبالعودة إلى شارع الربيع العربي، وفي سوريا خصوصا فبعد اندلاع الثورة في آذار لعام 2011، اكتشف الشعب السوري حقيقة النظام وخروقاته، فتغيرت الصورة وسقطت عبارة “بالروح… بالدم” التي كانت تقال لرأس النظام، وبدأت مرحلة رسم صورة نمطية جديدة وفق أسس ومبادئ صاغتها عقول نظيفة، لكن لم تسر الرياح كما تشتهي السفن، وخاصة إبان إنضمام تكوينات سياسية ودينية وعسكرية للثورة، ليتفاجئ الشعب السوري بعودة ثقافة التمجيد والتقديس للأفراد من جديد.
والتي انعكست أثارها سلباً على وحدة الثوار وأهداف الثورة.
كل هذه المعلومات التي سردتها قبل الوصول لقضيتنا والتي منحتها الاهتمام الأكبر لابد من استدعاءها لمرورنا بفترة مفصليه ولابد من اجتناب هذه الأخطاء والابتعاد عن ثقافة ” التطبيل والتزمير” كما يحب السوريون تسميتها.