أبو محمد وزوجته، عجوزان في خريف العمر قد أتعبتهما الحياة من نزوحٍ وتهجيرٍ وكِبرٍ في العمر، قرّرا التخلص من حياة الخيمة إلى غير رجعةٍ، فقاما ببناء منزلٍ بأقل التكاليف للهروب من حياة المخيم المتعبة.
هل يمكن أن تصادر أملاكك دون علمك، كيف يؤثر قانون الإرهاب على المتهمين وعوائلهم؟؟
لدى أبي محمدٍ خبرةٌ سابقةٌ في بناء المساكن الطّينيّة القبابية التي تشتهر بها بعض أرياف حلب، حيث تعاون مع زوجته أم محمدٍ في بناء منزلٍ لهما استغرقا في بنائه حوالي الأسبوعين، يقول أبو محمد:
” لا يمكن لمن تعوّد الحياة في منزلٍ أن يعيش في خيمةٍ، قررنا أن نبني منزلاً من الطين، وأنا لديّ خبرةٌ في هذا النوع من البناء، أمزج الطين بالقش وزوجتي تبني المنزل، قم ننتظر حتى يجفّ في الشمس لنكمل بعدها البناء”
أما أم محمدٍ التي تتولّى أمور التلييس والبناء، فقد قالت وهي تعمل دون كللٍ تحت أشعة الشمس الحارقة:
” إن هذا المنزل أفضل بألف مرةٍ من الخيمة فهو صُلب لا يتأثر بالرياح أو المطر وأكثر دفءً في الشتاء وبرودةً في الصيف، والأهم من كل ذلك أنه لا يكلّفنا أي قرشٍ فالتراب والماء والقش كلها موادٌّ مجانيّة”
منزل قباب الطين هو نمطٌ سكنيٌّ موجودٌ في الشمال السوري منذ زمنٍ بعيدٍ، ولكن بناءه توقّف بعد ظهور الإسمنت والبناء الحديث.
إلا أن السوريين اضطروا للعودة له ككثيرٍ من الأشياء الأخرى، فقد وجدوه أكثر أماناً من الخيام ومصاعب العيش فيها.
إذ يتمّ بناء قببٍ دائريةٍ، ثم يُبنى سقفها بالخشب والقش، كل ذلك يُنفّذ بتدرّجٍ حتى يجفّ الطين ويتماسك مع القش.
هكذا تتجلّى إرادة الحياة والتحدي لدى هذين العجوزين اللذين لم يستسلما للِكبر ولحياة الخيمة، وقرّرا تحسين مستوى سكنهما بأقل التكاليف وبأفضل جودةٍ متوفرةٍ، دون انتظار المنظمات الداعمة أو الدول المانحة ولسان حالهما يقول “ما حكّ جلدك مثل ظفرك ”
ضياء عسود
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع