اعتبر مصدر فرنسي أن عدم توصل المؤتمر الوزاري لـ «المجموعة الدولية لدعم سورية» في فيينا الثلثاء الماضي الى نتيجة ملموسة «أمر إيجابي، لأنه لم يسفر عن تنازلات أميركية لروسيا»، لافتاً الى أن هدف باريس في كل اجتماع من هذا النوع هو «الحد من ضرر تنازلات أميركية الى الجانب الروسي»، ذلك أن توقف مفاوضات جنيف في وقت محدد هو مشكلة لروسيا لأنها كانت دائماً على قناعة بأن الجميع في «مجموعة أصدقاء سورية»، وفي طليعتهم الولايات المتحدة، مستعدون لأي تنازل من أجل الحفاظ على مسار التفاوض.
وقال مصدر فرنسي آخر أن النص الذي نتج من المؤتمر هو «الأفضل الذي تم التوصل اليه منذ فترة طويلة لأنه لم يتضمن تراجعاً بالنسبة للمواقف السابقة وثانياً ان الكلام عن الهيئة الانتقالية هو أكثر إلزاماً مما كان في الاجتماع قبل الأخير في فيينا حيث كان الكلام عن إدارة الانتقال وكان أكثر غموضاً، في حين ان النص الأخير عاد الى الصيغة الأصلية كما وضعت».
وقال المصدر أن ذلك «يعود الى المفاوضات الأميركية – الروسية وليس لفرنسا». لكن أضاف ان اتهام الجانب الروسي من الرأي العام والصحافة الغربية في الآونة الأخيرة بأن روسيا تساعد نظام بشار الأسد وتحاصر معه حلب، بعد ان كان الرأي العام منذ ثلاثة أشهر ينعت روسيا بأنها أصبحت القوة الأعظم في العالم، أثر على الموقف الروسي الذي يريد التساهل في المظهر عبر الكلام في بيان فيينا ولكن هذا لا يعني قطعياً انهم مستعدون للضغط على الأسد، بل يعني توقف الهجوم العسكري على حلب وهذا إيجابي».
وتابع المصدر أن «الوضع الآن هو في مأزق والمبعوث الدولي ستيفان دي مستورا قال انه غير متمكن من تحديد تاريخ لعودة المفاوضات لأنه ليس هناك من يأتي الى طاولة المفاوضات، وباريس قالت لدي ميستورا انها ستحاول إقناع رياض حجاب منسق المعارضة السورية التي تربطها به علاقة ثقة وصداقة للذهاب الى التفاوض وأن عليه أن يقنع فريقه بأنه سيخسر أكثر اذا امتنع عن المشاركة في المفاوضات».
لكن المصدر اعتبر أن على المعارضة أن تظهر كيف أن الطرف الآخر (الوفد الحكومي) هو الذي لا يشارك في أي تفاوض وان ما تبحث عنه الإدارة الأميركية هو بالفعل صفقة مقبولة مع روسيا. وشرح المصدر أن فكرة الصفقة المقبولة للولايات المتحدة مع الروس يجب أن تكون صفقة مقبولة على الارض في سورية من الطرفين، لكن الأسد لن يقبل اي شيء لأن روسيا لن تضغط عليه، في حين ان الإدارة الأميركية ترى أن عملية فيينا هي إطار للتوصل الى ذلك.
ونقل المصدر عن دي ميستورا قوله في إحدى المرات أن عليه أن يخدم الطاولة ولذا ينبغي أن تكون الطاولة دائماً معدة. وقال: «أعد الطاولة ثم أرفعها ثم أعيد وضعها، حتى يأتي يوم يستعد فيه (السوريون) للجلوس على مائدة للطعام ينبغي أن تكون حاضرة». وتابع أن المبعوث الدولي «مجبر على التحاور مع النظام السوري والروس وخلال عرضه لتقاريره حول محادثاته عليه أن يظهر بأنه محايد، لكنْ هناك دائماً فرق بين ما يقوله ويقيمه في الخاص وما يعرضه علنا للجميع حيث إنه مجبر على أن يبقى على تواصل مع مختلف الأطراف».
ودي مستورا، وفق المصدر، يشارك الكثير في تشكيكه ازاء قدرة المعارضة. وباريس تدعم المعارضة من منطلق فعل الإيمان والواقعية، لكن على هذه المعارضة أن تبرهن عن فاعليتها وتكسب شرعيته.
وقال المصدر أن استئناف المفاوضات مرتبط باستمرار وقــــف القتال وتحسين الوضع الإنساني وهاتان المسألتان أساسيتان. اما بالنسبة للنظام، فيجب على الروس ان يضغطوا عليه للعودة الى طاولة المفاوضات، ولم يلتزم الجانب الروسي بالنـــــجاح في إقناع النظام السوري في استئناف المفاوضات.
وقال المصدر أن اجتماعات مجموعة باريس التي سبقت فيينا حول سورية هي للتأكيد للجانب الأميركي ان هنالك مجموعة دول مهمة ينبغي الأخذ بمواقفها في المفاوضات مع الجانب الروسي.
الحياة