لا يؤيد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، إجراء انتخابات عامة مبكّرة في ليبيا كحل لإخراج البلاد من الأزمة السياسية في ظل عجز المفاوضات عن توحيد السلطات شرق البلاد وغربها.
وقال سلامة خلال إحاطته الأولى حول ليبيا إلى مجلس الأمن إنه من الحكمة ضمان تلبية الشروط السياسية والفنية الأساسية اللازمة لإنجاح الانتخابات، ولا سيما التزام جميع الأطراف بقبول نتائج الانتخابات. وتابع “فالانتخابات لا تعني التراكم، بل التناوب السلمي والمنظم”.
وكان القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر اتفق مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج نهاية يوليو الماضي في باريس على وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 2018.
وقبل ذلك، تقدّم السراج بخارطة طريق قال إنها المخرج الوحيد لإنقاذ ليبيا، تضمّنت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس 2018.
وحذّر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ليبيا من إجراء انتخابات في وقت مبكّر، مستشهدًا بقرار رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الذي وصفه بـ”الكارثي” بإجراء انتخابات مبكرة، وهو القرار الذي أظهر خطورة إجراء انتخابات في وقت مبكّر جدا.
وقال جونسون في تصريحات لصحيفة التليغراف، الأسبوع الماضي، “ما لم يكن لتلك البلد حكومة فاعلة وموحدة، سيظل الليبيون يعانون معاناة شديدة”.
عصام الجهاني: من الممكن التوجه إلى مرحلة انتقالية رابعة بعيدا عن الدستور المشوه
وشدّد سلامة على أن مفتاح الاستقرار الدائم في ليبيا يستلزم معالجة الوضع السياسي الشامل، منبّها إلى أن الفراغ المؤسسي الذي تعيشه البلاد في هذا الوقت الدقيق لن يخدم مصالح ليبيا، داعيًا إلى توحيد الجهود السياسية والأمنية والاقتصادية بطريقة متسقة ومنسقة لمساعدة الليبيين على تخطي أزمتهم.
ودعا سلامة إلى ضرورة تعديل الاتفاق السياسي والتوصّل لصيغة توافقية حول الدستور ومن ثمّ إجراء الانتخابات. وأضاف “أثار معظم مَن حاورتهم أفكاراً بشأن تعديل الاتفاق السياسي الليبي. وثمة توافق في الآراء بدأ يظهر بشأن هذه المسألة، وآمل أن أتمكّن من الإعلان عن بعض التحرك في الأيام المقبلة”.
ورغم توافق أغلب الأطراف السياسية على ضرورة إجراء انتخابات مبكّرة، إلا أن كثيرين يؤيدون ما قاله سلامة خلال إحاطته، إذ يرون أن ضمانات إجراء انتخابات مبكّرة في الوقت الراهن مازالت غير متوفرة. وقال عضو مجلس النواب عصام الجهاني إنه من الممكن التوجه إلى مرحلة انتقالية رابعة بعيدا عن الدستور المشوه أو تحقق نصف الحل للأزمة من خلال الذهاب إلى تعديل الاتفاق السياسي والخروج بحكومة موحدة على الأقل لفترة الـ6 أشهر حتى يجهز الدستور”.
ووقّع الفرقاء الليبيون ديسمبر 2015 اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات المغربية، لكن الاتفاق لم ينجح في إنهاء حالة الانقسام بعدما اشترط مجلس النواب ضرورة إجراء تعديلات عليه. ويطالب مجلس النواب بتعديل أو بإلغاء المادة الثامنة التي تنصّ على تحوّل المناصب السيادية والعسكرية إلى سلطة المجلس الرئاسي بمجرد توقيع الاتفاق بما في ذلك منصب القائد العام للجيش الذي يتولاه حفتر.
كما يطالب بتقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي المتكوّن حاليا من 9 أعضاء إلى ثلاثة أعضاء، ويتهم المجلس تيار الإسلام السياسي بالهيمنة على المجلس ليتحوّل إلى طرف من أطراف الصراع.
ومن المتوقّع أن يتم استئناف المفاوضات خلال الفترة القادمة إلا أن الاستعدادات لها مازالت لم تبدأ بعد. ودعا الجهاني إلى ضرورة التوافق على إيجاد آلية لإنهاء تشكيك الأطراف في بعضها البعض واستعادة الثقة المفقودة في ما بينها وإظهار القدرة على إيجاد الحلول لمشاكل المواطن. وتطرّق المبعوث الأممي إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها الشعب الليبي.
وقال إن “هناك اقتصادا سياسيا متجذرا قائما على السلب أضحى أمراً ملموساً، كما لو كانت البلاد تغذّي أزمتها بمواردها ذاتها وذلك لصالح القلة وخيبة أمل الكثيرين. ومن الواضح أن هناك مشكلة خطيرة في الحوكمة ينبغي معالجتها دون أي تأخير”.
وأكد سلامة، في كلمته لأعضاء مجلس الأمن الدولي، أن تعدّد المبادرات السياسية لتسوية الأزمة في ليبيا تربك جهود المنظمة الدولية الرامية إلى مساعدة الليبيين في تخطي أزمتهم، مشددًا على ضرورة توحيد الجهود السياسية والاقتصادية والدولية في هذا الشأن.
وأضاف “أقدّر جهود جميع الحكومات والمنظمات العاملة على تعزيز السلام والمصالحة بين الليبيين. غير أن تزايد المبادرات الرامية إلى التوسط يفضي على نحو ما إلى الوقوع في خطر إرباك المشهد السياسي”.
وتقدّمت عدة دول طيلة الفترة الماضية بمبادرات لحل الأزمة الليبية كان آخرها المبادرة الفرنسية، بالإضافة إلى المبادرتين الإماراتية والتونسية.
العرب