اللاجئون أصبحوا جزءًا من المجتمع التركي على الرغم من المشاكل التي يواجهونها

أظهرت نتائج دراسة حديثة أجرتها ممثلية مؤسسة هاينريش بول في تركيا أن اللاجئين يعبرون عن رضا أكبر عن حياتهم في تركيا مقارنة بالسكان المحليين، وأصبحوا جزءًا من المجتمع على الرغم من مواجهتهم لمجموعة من المشكلات، حسبما ذكرت صحيفة “تركيش مينت” ويرتبط مركز الأبحاث السياسي المستقل بحزب الخضر الألماني وينشط في تركيا منذ عام 1994.

تم الإعلان عن نتائج البحث حول الهجرة والاندماج الاجتماعي للمهاجرين في تركيا بعد عام 2010، والذي أجراه الأكاديميون دنيز يوكسيكر، وهاتيس كورتولوش، وأوغور تكين، وإسراء كايا أردوغان بدعم من المؤسسة، في حلقة نقاش عقدت في اسطنبول يوم أمس الأربعاء 29 نوفمبر.

وفي حلقة النقاش، التي تم الإعلان فيها عن نتائج العمل الميداني الذي تم إجراؤه في 16 مقاطعة بين يونيو وأكتوبر 2022، شارك جيم بيكو، منسق المشروع في تمثيل المؤسسة في تركيا، ويوكسيكر، كمتحدثين.

وبحسب نتائج الدراسة التي أجريت على الأتراك واللاجئين، بمن فيهم الأفغان والإيرانيون والعراقيون وتركمانستان وأفراد من الدول الإفريقية ومعظمهم من السوريين، فإن اللاجئين أكثر رضا عن العيش في البلاد من الأتراك.

وعندما سئل “هل أنت راض عن العيش في تركيا؟” وقال 35.7% من الأتراك إنهم لا يفعلون ذلك، بينما كان هذا الرقم بين السوريين 14.2%، وبالنسبة للمهاجرين الآخرين كان 18.8%. وردًّا على السؤال نفسه، أجاب 52% من السوريين، و64% من المهاجرين الآخرين، و42% من الأتراك أنهم راضون عن ذلك.

وكشف البحث أن 48.8 بالمئة من الشباب الأتراك غير راضين عن العيش في تركيا. فبينما يعبر 62.2% من الشباب الأتراك عن رغبتهم في العيش في بلد آخر، يرغب 61.4% من الشباب السوريين وغيرهم من المهاجرين في الاستمرار في العيش في تركيا.

وفي إشارة إلى أن تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في جميع أنحاء العالم، قال يوكسيكر إنهم لاحظوا خلال البحث أن المهاجرين واللاجئين أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من المجتمع في تركيا “على الرغم من كل الظروف المعاكسة”.

وبحسب نتائج البحث، فإن استمرار المشاركين في التعليم هو الأقل ملاحظة بين السوريين، بنسبة 75.3%. ومن بين أسباب ذلك انسحاب عدد كبير من الأطفال الذكور من المدارس في سن الدراسة الثانوية للانضمام إلى القوى العاملة، وبالنسبة للأطفال الإناث، انسحاب أسرهن من التعليم عند دخولهن مرحلة المراهقة. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الخطاب المناهض للمهاجرين في التمييز وتسلط الأقران على اللاجئين في التعليم.

وذكر يوكسيكر أن عمالة الأطفال هي الأكثر انتشارًا بين المهاجرين السوريين، في حين أن معدل توظيف النساء المهاجرات أقل من المتوسط ​​الوطني للنساء التركيات.

وشدد الأكاديمي على أن السوريين والأفغان أصبحوا عنصرين أساسيين في القوى العاملة. وأضافت أن الاعتقاد السائد في المجتمع بأن معظم اللاجئين يتلقون دعمًا ماليًّا من الدولة، لا يعكس الواقع بشكل دقيق. ويشير البحث إلى أن 22.6% فقط من السوريين يدعون أنهم يتلقون مساعدة اجتماعية.

وعندما سُئلوا عما إذا كانوا قد تعرضوا لأي ظلم خلال فترة وجودهم في تركيا، أجاب 88% من المشاركين الأتراك، و79.9% من السوريين، و83.6% من المهاجرين الآخرين بـ “لا”.

ومن بين أولئك الذين زعموا أنهم تعرضوا للظلم، أشار المشاركون الأتراك في المقام الأول إلى الوضع الاقتصادي والجنس والهوية العرقية كأسباب، في حين أكد السوريون على اللغة والجنسية والوضع الاقتصادي، وسلط المهاجرون الآخرون الضوء على كونهم أجنبيين وجنسية وهوية عرقية ولغة.

ويظهر البحث أيضًا أن هناك حدًا أدنى من المساعدة المتبادلة بين الأتراك والمهاجرين في الحياة اليومية، حيث أن تكرار زيارة الأتراك لمنازل الجيران أو المعارف الذين ليسوا من نفس الجنسية منخفض للغاية. وذكر نحو 67% من المشاركين الأتراك، و37.6% من المهاجرين السوريين، و52.8% من المهاجرين الآخرين أنهم لا يزورون أبدًا منازل جيرانهم أو معارفهم الذين ليسوا من نفس الجنسية.

ظلت المشاعر المعادية للاجئين في تركيا في ارتفاع لعدة سنوات، واكتسبت أهمية أكبر في سياق الانتخابات التي جرت في البلاد في مايو/أيار. وفي الحملة التي سبقت الانتخابات العامة وجولتين من السباق الرئاسي، أصبحت قضية اللاجئين نقطة خلاف مركزية.

وكان الموقف الصارم الذي اتخذه الساسة تجاه اللاجئين، إلى جانب تزايد الخطاب القومي، سببًا في تأجيج المخاوف القائمة والمشاعر المناهضة للاجئين بين بعض شرائح المجتمع، مما أدى إلى نشوء بيئة معادية على نحو متزايد للاجئين في تركيا.

إن المشاعر المتنامية المناهضة للاجئين لا تمتد جذورها إلى الخطاب السياسي فحسب، بل تمتد أيضًا إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها البلاد. وكثيرًا ما يُلقى اللوم على اللاجئين في تفاقم هذه القضايا، على الرغم من تعقيدات المشاكل الأساسية.