ما قيمة الحرية التي لا تتعدى صورة من صور الحريات الشكلية المفرغة من مضمونها و جوهرها وتساهم في تشويه مفهوم الحريات ؟
عندما تكون جريمة المرأة هي خلعها لقفازها الأسود و هو الأمر الذي حصل مع (هـ م )ابنة مدينة الباب، في أثناء ذهابها للسوق مع عائلة خطيبها (ع خ) لشراء جهازها قبل عرسها بأيام.
حيث كان ما يسمى ب(الحسبة ) التي تنتمي لداعش تنتشر في كل مكان من السوق، و أثناء دخولها لأحد محلات الألبسة شاهدت هـ م (بيجاما) أعجبها لونها لكنها حاولت فحص نوعية القماش بيدها وتلمس القماش بشكل جيد، فقررت خلسة خلع أحد القفازين و تلمس القماش سريعاً، لكنها لم تكن محظوظة عندما شاهدتها شرطية داعش (الحسبة) فانقضت عليها لتقوم بصفعها على يدها ثم وجهها، و بدون ان تعرف باقي الشرطيات السبب الذي تضرب لأجله انهلن عليها بالضرب أيضاً.
ويكمل شرطة الحسبة الذكور الجريمة بتطويق المكان لحماية الشرطيات اللاتي يعملن على تطبيق شريعة داعش .
تقول هـ م: ” لم يكن في المكان رجال عندما خلعت قفازي الأسود و لم تشاهدني حتى والدتي أو حماتي سوى تلك الشرطية كانت تراقبني . لم أشعر إلا أن الجميع بدأ يضربني و لم أستطع فعل شيء إلا البكاء . و لم تستطع عائلتي منعهم من ضربي بسبب الذنب الذي اقترفته و هو خلع القفاز وملامسة الهواء لإحدى كفاي . قامت الشرطيات بجري من ذراعي لاعتقالي و أنا أحاول تبرير الجريمة علهن يتراجعن عن قرار الاعتقال .
حين طلبن مني أن لا أكرر هذه الجريمة وافقت على الفور و تعهدت أن لا أقوم بهذا الفعل مرة أخرى طيلة حياتي . في تلك اللحظة قامت إحداهن بدفعي وكأنها شعرت بالاشمئزاز مني وقالت:( استغفري الله عله يغفر لك و إياك أن تفعلى هذا ثانية ) .
أومأت لها برأسي أي سأفعل و بدأت شفتاي تتمتم بالاستغفار بصوت يسمعنه كي أستطيع مغادرة المكان .
لم أعلم أن جسدي كان مليء بالكدمات إلا حين وصلت المنزل و بدأت أشعر بالألم .
ليس الألم الجسدي فحسب بل كان الألم النفسي هو الأشد قسوة و الإهانة التي تعرضت لها أمام عائلتي وحماتي . ما أذكره أيضاً أنني لم أتوقف عن البكاء طيلة ذلك اليوم ” . و توقفت هـ م عن الكلام لتكمل دموعها بقية القصة .
ناصر الأعرج: قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع