العبادي يهدّد بإجراءات عسكرية تمنع استقلال الأكراد

حمّل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس رسالة “تهديد” عسكرية واقتصادية إلى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني في حال إجراء الاستفتاء على استقلال كردستان.

وأبلغ العبادي ماتيس، الذي وصل إلى بغداد الثلاثاء، في زيارة مفاجئة، أن “الحكومة الاتحادية تفكر في اتخاذ إجراءات عسكرية واقتصادية، بشأن التعاون مع إقليم كردستان، شبه المستقل، في حال أجرت سلطاته استفتاء يمهّد لإعلان الدولة الكردية”.

وبعيد وصوله إلى بغداد، عقد ماتيس اجتماعا مع العبادي، حضره المستشار الخاص لرئيس الحكومة نوفل الحسن، ووزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي.

وقال بيان حكومي مقتضب إن العبادي استقبل في مكتبه، وزير الدفاع الأميركي والوفد المرافق له، ونقل البيان عن ماتيس تجديده “دعم بلاده للعراق في حربه ضد الإرهاب والإشادة بالانتصارات التي تمّ تحقيقها”، مؤكدا أن “الولايات المتحدة الأميركية تدعم الحفاظ على وحدة العراق وترفض أي إجراء يهدف لتقسيمه وزعزعة استقراره”.

وبحسب مسؤول كبير في مكتب العبادي، فإن رئيس الحكومة العراقية ووزير الدفاع الأميركي اتفقا خلال الاجتماع على رفض الاستفتاء الكردي على الاستقلال.

وقال المسؤول، في تصريح لـ”العرب”، إن “وزير الدفاع يحمل رؤية واضحة بشأن الاستفتاء الكردي وما يمكن أن يؤدي إليه من تعقيدات، في حال أصرت سلطات إقليم كردستان على إجرائه”.

وكشف أن العبادي لوح أمام ماتيس بإجراءات عسكرية واقتصادية في حال أصر إقليم كردستان على إجراء الاستفتاء.

وقال “العبادي ربما يدرس تعليق التعاون بين القوات المسلحة العراقية وقوات البيشمركة الكردية، فضلا عن إعادة تقييم إجراءات العبور الشخصي والتبادل التجاري، بين كردستان والمنطقة العربية المجاورة له”، التي تخضع لسلطات الحكومة الاتحادية.

ورفض المسؤول العراقي التعليق على ما إذا كانت “أفكار العبادي” حظيت بدعم ماتيس، لكنه قال إن “الوزير الأميركي تعهد بمصارحة الأكراد بموقف واشنطن الرافض للاستفتاء في الوقت الحالي، وسيبلغهم رسميا نية بلاده تعليق مساعدتها العسكرية لقوات البيشمركة الكردية”.

وقال مسؤول أميركي إن ماتيس سيحث البارزاني رئيس الإقليم الكردي، المتمتع بالحكم الذاتي، على إلغاء الاستفتاء المؤمل إجراؤه في الخامس والعشرين من سبتمبر المقبل.

وأجرى ماتيس في أربيل محادثات مع البارزاني الذي يعتزم المضي قدما في تنظيم الاستفتاء رغم دعوات داخلية وخارجية لتأجيله.

وقال المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش بريت ماكغورك إن الوقت غير مناسب لعقد هذا التصويت، وأضاف أن “استفتاء في هذا الوقت سيكون كارثيا بالنسبة للحرب على داعش”.

وتخشى الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى أن يشعل الاستفتاء صراعا جديدا مع بغداد، وربما مع دول مجاورة، بما يحول الأنظار عن الحرب الدائرة على داعش في العراق وسوريا.

ويرغب الطرفان، الكردي والعربي، في الخروج من معركة الاستفتاء رابحين. فالعبادي الذي استثمر مسألة الحرب على الإرهاب بنتائجها، التي اعتبرت إيجابية من قبل الولايات المتحدة، لصالحه وإظهاره منتصرا يخطط للاستفادة من إفشال الاستفتاء في معركته ضد خصومه الشيعة في الانتخابات.

بريت ماكغورك: استفتاء استقلال كردستان سيكون كارثيا بالنسبة للحرب على داعش
واصطدم الأكراد بالاعتراض الأميركي الذي توج الاعتراضين الإيراني والتركي. وتقول مصادر إن المسؤولين الأكراد يفكرون اليوم في الخروج من المأزق بتعويضات مالية، هي في الحقيقة دافعهم الأساس للتلويح بورقة الانفصال.

واعتبر مراقب سياسي عراقي أن ماتيس مقنع للطرفين من جهة قدرته على تقريب وجهات النظر من أجل إقامة معادلة ستكون على حساب الطرف السني المهزوم بسبب شبهات الإرهاب التي تم تحويلها من خلال داعش إلى أمر واقع.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب”، “ما لوّح به العبادي من إجراءات عسكرية واقتصادية لا يعبر عن حقيقة موقف رئيس الوزراء الساعي إلى شراء رضا الأكراد، على الأقل حتى الانتخابات القادمة، وهو ما يعرفه الأكراد جيدا ويسعون من خلاله إلى ممارسة الضغط من أجل الخروج بربح يكون مقنعا للرأي العام الكردي، الذي صار يضيق بالأزمات الاقتصادية التي تعصف بالإقليم الجاري الحديث عن استقلاله، من غير أن يعكس ذلك الاستقلال ازدهارا اقتصاديا لافتا. فلا تزال حكومة الإقليم تنتظر أن تغير حكومة بغداد موقفها من مسألة استحقاقات الإقليم المالية المتوقفة”.

وليس مستبعدا أن يشرف ماتيس على صفقة لن تحرج الطرفين، في ظل رغبة أميركية حقيقية لاستبعاد ميليشيا الحشد الشعبي من المسألة باعتبارها لا تزال من اختصاص السياسيين. ولأن الزج بالحشد الشعبي في ذلك الصراع السياسي يعبر وبطريقة لا لبس فيها عن وجهة نظر إيرانية، فإن الأكراد سيطلبون ضمانات طويلة الأمد من أجل ألا يقع ذلك التدخل، وهو ما سيقدمه رئيس الوزراء العراقي من غير أن يكون متأكدا من قدرته على تنفيذه.

واعتبرت مصادر سياسية في بغداد أن زيارة ماتيس في هذا التوقيت تستهدف “تعزيز دور العبادي في الداخل، والحث على مواصلة العمل الهادئ الذي يستهدف عزل إيران عن التأثير في مجريات القرار العراقي”.

ويرى مراقبون أن توقيت زيارة وزير الدفاع الأميركي، يعكس اهتمام الإدارة الأميركية بالملف العراقي، الذي يشهد تحولات متسارعة، أبرزها تطورات الحرب على تنظيم داعش، ونوايا أكراد العراق بشأن الاستقلال.

وتمنح زيارة ماتيس إلى بغداد، العبادي زخما سياسيا كبيرا، بوصفه الشريك الأقوى للولايات المتحدة في العراق.

وتحدث سياسي عراقي من العاصمة بغداد عن “رغبة أميركية واضحة في تعزيز دور العبادي على رأس القوات المسلحة العراقية التي تعمل على استعادة قضاء تلعفر”، آخر معاقل داعش في محافظة نينوى.

وقال لـ”العرب” إن “إصرار أطراف عديدة على المشاركة في عملية تلعفر، ربما يتسبب في مشاكل ميدانية للعبادي، لذلك يعتقد الأميركيون أن عليهم تعزيز دوره، بالدعم السياسي والعملياتي”.

وأضاف أن “الأميركيين حريصون على تحييد الدور الإيراني، متمثلا بفصائل موالية لطهران ضمن قوات الحشد الشعبي، المنتشرة في محيط تلعفر”، موضحا أن “هذه الفصائل لم تخض حتى الآن قتالا مهما في معركة تلعفر، إذ تضطلع القوات النظامية، وفصائل الحشد الموالية لمرجعية آية الله علي السيستاني في النجف، بالدور الأكبر”.

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist