الأسبوع المقبل حاسم في تحقيق تقدم في ملفّي المساعدات الإنسانية والهدنة لتوفير أرضية استئناف المفاوضات السورية في جنيف والمواءمة بين «توقيت» ساعتي الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، وسط ممارسة وزير الخارجية الأميركي جون كيري ضغوطات على «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة وحلفائها الإقليميين للعودة إلى جنيف مستفيدة من التجربة الأميركية «عندما كنا نحارب ونفاوض في آن».
وأبلغت الحكومة السورية مسؤولين دوليين في دمشق أن الرئيس بشار الأسد سيفتتح خلال الأسبوع الدورة الجديدة لمجلس الشعب (البرلمان)، ما يشكل بالنسبة إلى دمشق أولوية على الانشغال في مفاوضات سياسية أو بإدخال مساعدات إلى المناطق المحاصرة وسط جهود لتحقيق مكاسب عسكرية في غوطة دمشق.
وكان المؤتمر الوزاري لـ «المجموعة الدولية لدعم سورية» بارك التفاهمات الأميركية – الروسية في ملفات المساعدات الإنسانية والهدنة والانتقال السياسي، وكانت الإضافة الوحيدة هي الموافقة على اقتراح بريطاني بإلقاء المساعدات جواً وإقامة جسر جوي الى المناطق المحاصرة مالم يتم ايصال الإغاثة براً حتى بداية حزيران (يونيو) للضغط على دمشق وحلفائها، لكن المؤتمر فشل في التوصل الى موعد استئناف مفاوضات جنيف ومباركة مواعيد وضعها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا قبل نهاية الشهر الجاري. واكتفى الوزراء بالموافقة على البيان الختامي تلبية لطلب دي ميستورا بـ «الإبقاء على الدينامية السياسية».
وكان لافتاً ان كيري شدد على ضرورة عودة «الهيئة» الى جنيف حتى لو لم تتوافر شروطها وضرب مثالاً ما قامت بها اميركا في فيتنام قبل عقود «عندما كنا نحارب ونفاوض، وهذا ما يجب ان تفعله المعارضة السورية»، مع سعيه الى تحقيق «بعض التحرك» في الإغاثة والهدنة.
بالنسبة الى الهدنة، يشكل الأربعاء المقبل موعداً حساساً لأن روسيا قررت ان قاذفاتها ستبدأ ضرب الفصائل التي تخرق الهدنة خصوصاً «جبهة النصرة»، سواء في شكل احادي او بالتعاون مع اميركا. ووفق مسؤول غربي، فإن أميركا التي اعلنت انها لن تقوم بعمل عسكري مع روسيا ضد «النصرة»، ستغض النظر عن غارات روسيا وسط أنباء اشارت الى ان اميركا ضربت «النصرة» قرب حلب. وأضاف: «بعض الدول لا يريد التخلي عن النصرة باعتبارها ورقة رئيسية في قتال القوات النظامية، لكن روسيا قررت سحب هذه الورقة»، الأمر الذي سينعكس في معارك حلب وفي محافظة ادلب الخاضعة لـ «جيش الفتح» الذي يضم «النصرة» و «أحرار الشام» وتنظيمات اخرى، وسط خطة للنظام لاستعادة جسر الشغور بين اللاذقية وإدلب.
انسانياً، حقق زخم مؤتمر فيينا ايصال مساعدات الى عشرة آلاف محاصر في حرستا شرق دمشق، لكنه فشل في ايصالها الى داريا جنوب غربي العاصمة، بل ان قافلة تحمل موادّ طبية تعرضت لقصف وتم منع ادخال حليب الأطفال وسط احتدام المعارك نتيجة سعي القوات النظامية الدخول اليها. وتجري اتصالات بين الأمم المتحدة ودمشق لإدخال مساعدات غذائية وطبية الى داريا التي كانت احدى المناطق المقترح اسقاط المساعدات فيها جواً في حال لم تصل براً. وبعدما كان الزحم حقق وصول مساعدات الى 13 من 18 منطقة محاصرة، شهدت الأسابيع الأخيرة إحكام قوات النظام حصارها على مناطق جديدة بينها حي الوعر في حمص، ما رفع الى حوالى مليون عدد المحاصرين.
وأمام انخفاض التزام الهدنة من 80 في المئة في آذار (مارس) الماضي الى 50 في المئة وانخفاض نسبة ايصال المساعدات من 40 في المئة في نيسان (ابريل) الى 5 في المئة حالياً مع ان معظم المناطق المحاصرة «يبعد ساعات في السيارة عن دمشق»، فإن «الصورة عسكرياً وإنسانياً غير واضحة والظروف غير ناضجة» لاستئناف المفاوضات، وفق المسؤول، وقال: «هناك تفاهم اميركي – روسي على محددات الحل السوري، لكن الخلاف حول التفاصيل والمواعيد. الأهم هو اختلاف التواقيت لأن إدارة أوباما تستعجل الحل والعودة الى المفاوضات لتحقيق انجاز قبل الانشغال في الانتخابات في آب (اغسطس)، مقابل انتظار بوتين بحثاً عن أفضل صفقة».
دي ميستورا الذي كان يستعجل جولة تفاوضية قبل بدء شهر رمضان في 6 حزيران لتمهيد الأرضية لجولة ثانية في تموز (يوليو)، نقل عنه لاحقاً: «طالما ان الأطراف السورية تحارب في رمضان، بإمكانها ان تتفاوض ايضاً». لذلك، اعيد طرح خيار اجراء «مفاوضات فنية» واتصالات بين وفدي الحكومة و «الهيئة» وفريق المبعوث الدولي الى حين استئناف المفاوضات الرسمية.
الحياة