” في جميع دول العالم يعتبر حجر البيلون لترطيب وتنعيم البشرة والشعر” تتحدث سلمى وهي تقف أمام وعاء بلاستيكي كبير تنقع فيه البيلون لتغسل الملابس المتراكمة منذ أيام ، سلمى من حي القصور المحاصر منذ سنة تقريبا من قبل تنظيم الدولة في دير الزور، تقول :”تصلنا الماء لساعات قليلة كل عشرة أيام، فنبدأ بحفلة التنظيف بمساعدة البيلون” .
“الجورة” و “حي القصور” حيان في مدينة دير الزور محاصران من قبل النظام السوري من الداخل و تنظيم الدولة من الخارج، ويعاني سكانهما من قلة في المواد الغذائية وأيضا في مواد التنظيف والماء، فكما قال ناشطون وصل سعر كيلو غرام من مسحوق الغسيل المصنع بشكل بدائي في مصانع داخل الحي إلى 2500 ليرة أي حوالي 7دولار ، في حين وصل سعر لوح الصابون من النوع الجيد لـ 1500 ليرة أي حوالي 4دولار أما الشامبو فيندر وجوده وإن وجد ثمنه باهظ جدا .
يعتبر حي القصور من الأحياء الراقية في مدينة دير الزور قبل اجتياح النظام له، فتجد عربات قديمة محمل عليها أحجار “البيلون” تجوب الشوارع وبكثرة و بأسعار متفاوتة وحسب نوعيته، والبيلون من مصدره يعتبر سعره زهيد جدا 25ليرة للكيلو، والنوع الممتاز الحلبي يصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 250 ليرة سورية أقل من دولار واحد، وهناك أنواع أقل جودة يصل سعرها لـ100 ليرة ، إلا أن تكلفة نقله هي من تسبب برفع سعره إلى هذا الحد.
و العوائل في دير الزور لم تعد تقتصر استخدام “البيلون ” في الغسيل فقط بل في الاستحمام وأغراض أخرى، وتقول أم سلمى ضاحكة :”كانت تأكل البيلون أيام الوحام في الحمل” .
“الحرب والحصار جعلتنا نلجأ لوسائل بدائية في محاولة للتعايش مع الوضع الراهن “، سلمى مهندسة كهرباء أجبرتها الحرب على إيقاف دراستها والالتفات الى أمور المنزل، تشرح كيفية استخدامه بشكل صحيح، تمسك البيلون وتتحدث :”أولا يجب أن يكون البيلون من النوع الممتاز حتى يتم الاستفادة منه ويعرف ذلك من لونة البني الغامق، أو الأحمر المائل للبرتقالية ، ينقع لساعة في ماء دافئ حتى يمتزج الماء مع الحجر ويصبح ترابا فاتح اللون، بعدها ننقع البيلون بالملابس لمدة ساعتين يكون قد نظف الغسيل تقريبا في حين أن بعض النساء تغلي الملابس مع البيلون حتى تضمن نظافة الملابس “.
البيلون ذو الرائحة العطرة ، الذي يعتبر كمعالج لبعض مشاكل البشرة من بثور وحبوب ، يستخرج بشكل رئيسي من الشمال السوري ، حيث يتميز البيلون الحلبي بنوعيته الممتازة وخاصة من منطقة “دير الجمال” و”نبل” و”عشتار” التابعة لقضاء اعزاز التي تبعد عن محافظة حلب مقدار أربعين كيلو متراً، لكن يعاني تجار محافظة دير الزور من نقله إلى المحافظة فطريق تسيطر عليه تنظيم الدولة وبعض منه تسيطر عليه قوات النظام.
البيلون هي واحد من المستحضرات القديمة التي عادت للظهور مرة أخرى فبعد خمس سنوات من الثورة السورية واستهداف النظام لكثير من المصانع ومحاصرة تنظيم الدولة لدير الزور كان لابد للعودة إليها من جديد.
أماني العلي
المركز الصحفي السوري