يواصل آلاف المدنيين التواقين للحرية التوافد للساحات جمعة تلوى أخرى، ليرتفع صوتهم في المدن والبلدات الخارجة عن سيطرة النظام ليؤكدوا على مطالب طالما رددوها وسعَوا لتحقيقها بشتى الوسائل الممكنة.
الظرف الجيوسياسي والوضع الإقليمي وقرع طبول الحرب من قبل روسيا والنظام على إدلب، دفع المدنيين للخروج بعفوية تامة، للتعبير عن رفضهم للنظام والحفاظ على إدلب خارج سيطرة آلة الإجرام الأسدية، وبدأ علم الثورة يرتفع ليؤكد على خضرة الخضراء، وليشكل المدنيون السد المنيع والحاضن الأكبر للثورة و الحامل الأول لأهدافها، بعد مرحلة الصراع الدامي على الوجود، وبعد أن تحول الشمال لسورية المصغرة.
عودة الحيوية للمدنيين جاء بعد وعي إضافي تراكم عبر سنوات الثورة، لينفجر على شكل مطالب الثورة الأولى وأضيف لها الحقد المتزايد على النظام بعد 8 سنوات من التنكيل والقتل, والأخطاء التي وقعت فيها الفصائل والأحزاب التي تشكلت في هذه الفترة، والذهاب بعيدا بالثورة عن أهدافها، والتي أفرزت الحالة الفصائلية والتطرف وحساسيات وتبعيات وتصدّر المشهد السوري شخصيات بعيدة كل البعد عن الثورة ومبادئها، كل ذلك دفع الآلاف للخروج دون تنظيم أو تخطيط من أحد، ليقولوا قولتهم وليعيدوا للثورة رونقها وليزرعوا الأمل من جديد في النفوس، بعد سنين عجاف، خرجوا ليؤكدوا على الصمود، مطالبين ساسة العالم بالوقوف موقف حق من قضيتهم العادلة.
عودة التظاهر صدمت الضمير العالمي بتأكيده على الحراك السلمي بعد أن روج للسواد في إدلب, فما قتلته القيادات والتطرف والفصائلية المقيتة، أحيته المظاهرات التي زينها علم الثورة، لتجبر الأمريكيين على التحرك بشكل سريع لقلب الموازين السياسية ودعم الموقف التركي، الذي عُزز بحشود المدنيين الشاكرين لتركيا موقفها ومساهمتها، بوقف الحرب على إدلب، ورُفعت الشعارات المؤكدة على أن روسيا عدوٌ لا يمكن أن يكون ضامناً.
المطالبة بالمعتقلين وإحياء قضيتهم الغائبة والتي لم تغب عن المظاهرات,
و الشعارات التي استهدفت المتسلقين والمنتفعين حيث ارتفعت شعاراتهم، لتحجم المعارضة السياسية والعسكرية التي أثبتت فشلاً ذريعاً في تمثيل هذه الجموع التواقة للحرية.
المؤكد أن هذا الحراك المدفوع بالوعي الجمعي والمتخذ من روح الثورة بوصلة للعمل، حفز الإرادة وزرع الأمل والرغبة في النفوس و صغر الأدران التي علقت بجسد الثورة، وأصبح هو الحامي للفصائل، ويجب أن يكون الموجه لهم.
هذا البركان الذي ثار لابد من استثماره سياسياً والاستفادة من الفرصة الحالية، المتمثلة بوجود بيئة مناسبة لتحقيق آمال الناس، ولابد من فرز قيادات سياسية فعالة، توقف سلسلة التنازلات التي قدمتها معارضة هرمة.
لابد من دفع الخبرات من أبناء الثورة للأمام، للخروج من ضبابية الحلول وعدم الوضوح بما يخطط للشمال، لابد من الاستقلالية ووضع برامج عمل واضحة ليعلو صوت الثورة وتجتمع الجهود، لتتكامل الرؤى، والعمل على محاربة كل من يحاول حرف الثورة عن مسارها الصحيح، لتكون الحل للوصول لسورية حرة بلد الجميع
مجلة الحدث…..أكرم الاحمد