تتردد حكايات الانتحار في مناطق مختلفة من سوريا بشكل متصاعد خلال السنوات القليلة الماضية.
شاهد كيف يكون الأخ سبب مآسي أخوته ويسلب أملاكهم!!
وأفادت مصادر إعلام محلية في المحافظات الشرقية يوم أمس بإقدام شاب على الانتحار؛ إذْ قام بإضرام النار في نفسه، فمات حرقاً في قرية سميحان في ريف الحسكة.
وانتحر شاب آخر بإطلاق النار على نفسه في حي المشلب في مدينة الرقة.
زادت ظاهرة الانتحار في سوريا خلال السنوات الأخيرة لدى فئة الشباب خاصة؛ نظراً لارتفاع نسبة العاطلين عن العمل، وكثرة المدمنين على المخدرات من هذه الفئة، ولاسيّما بعد توفر المخدرات، وسهولة الحصول عليها في ظل الحرب.
فقد أقدم شاب شرطي في مدينة الحسكة أواخر العام الماضي على إنهاء حياته في مقر عمله شنقاً بعد تناوله كمية من الحبوب المخدرة.
وكشف رئيس هيئة الطب الشرعي التابعة للنظام زاهر حجو، في تشرين الثاني من العام الفائت، في تصريح إعلامي عن ارتفاع حالات الانتحار ل 172 حالة من بداية العام لغاية 15 تشرين الثاني، موضحا أن غالبية حوادث الانتحار مرتبطة بالذكور بمعدل 123 حالة، مقابل 49 حالة إناث.
وسجل العام 2020، بحسب حجو، ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الانتحار بواقع 87 حالة خلال 6 أشهر من بداية العام، مقارنة مع 124 حالة في العام 2019.
لا يقتصر الانتحار على الكبار واليافعين بل تخطّاها إلى الأطفال أيضا، فقد سجل العام الفائت حالات انتحار عديدة للأطفال، لعل أشهرها حادثة انتحار فتى ابن 15 ربيعاً في حمص؛ لامتناع أهله عن شراء حاجيات له.
ويلعب التعنيف الأسري هو الآخر دوراً فاعلاً في هذه الظاهرة، ففي مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، انتحرت مدرّسة ثلاثينية في أحد مخيمات أطمة شمال إدلب، باستخدام حبة الغاز، نتيجة خلاف أسري مع زوجها.
سجلت حالات الانتحار في شمال غربي سوريا منذ بداية عام 2020، ارتفاعا بنسبة 38% ما بين الربعين الأول والثاني من العام، بحسب إحصائيات صادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (OCHA) في 21 آب/أغسطس الماضي.
وقد أسهم تردي الأوضاع المعيشية، وحالة التشرد والشتات التي يعيشها النازحون والمهجرون قسرياً على يد النظام في ظهور العديد من حالات الانتحار في مخيمات النزوح في الشمال السوري.
وكان لارتفاع معدلات الفقر، وعجز المعيل عن توفير حاجات الأسرة السورية في ظل غلاء الأسعار، وتهاوي الليرة السورية لمستويات قياسية في عموم سوريا، دور أيضاً في زيادة الاحصائيات.
تنوعت وسائل الانتحار المستخدمة بين الحرق، والشنق، والطلقات النارية، وتناول المواد السامة والأدوية بجرعات زائدة. وعمد بعضهم إلى قطع شرايين أيديهم.
والجدير بالذكر أن سوريا لطالما تذيلت مؤشر الانتحار عالمياً، حيث تصنفها منظمة الصحة العالمية من الدول التي تشهد أقل معدلات الانتحار.
يُنذر التدهور المتواصل لأوضاع السوريين في الداخل السوري، وغياب أفق واضح للحرب التي تدور رحاها منذ نحو 10 سنوات، باستمرار تصاعد حالات الانتحار.
وينبغي لمنظمات المجتمع الأهلي والمدني نشر التوعية حول الانتحار، والاستجابة للاحتياجات الصحية والنفسية، وذلك من خلال تقديم خدمات الدعم النفسي لفئات المجتمع السوري، وضرورة تضافرها مع الجهود المجتمعية والأسرية لكبح الأعداد المتزايدة.
على الرغم من تسلل اليأس إلى الكثير من السوريين، إلا أن الأمل بغدٍ أفضل ومستقبلٍ مشرق يبقى في قلوب الشعب السوري راسخاً يُذلّل العقبات.
بقلم :صباح نجم
المركز الصحفي السوري