وأنا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي مررت على عدة مقاطع كان الأول لعائلة تحزم أمتعتها، فبينما يجمع الأهل في مخيمات أطمة الحدودية الخيمة بكل سرور ليأخذوها معهم في رحلة العودة إلى قريتهم المحررة ليضعوها فوق بقايا بيتهم المهدم تمهيدًا لعمليات إعادة بنائه كانت هناك عيون صغيرة تراقب المشهد بحزن بالغ ، نعم إنها صغيرتهم تاليا التي ولدت ونشأت ومشت أول خطواتها وخرجت من خيمتها لتلعب مع أبناء الجيران ،ابنتهم التي ذهبت من هذه الخيمة مرارًا وتكرارًا إلى مدرستها التي تحبها والتي لم تكن تختلف كثيرًا عن بيتها فقد كانت عبارة عن مجموعة خيم متقاربة، لم تكن تعرف من مفهوم الوطن سوى أن هذا المخيم الصغير هو وطنها الذي سترحل عنه الآن.
وبمقطع آخر وعلى الطرف الآخر من سور هذا المخيم في الجانب التركي كان هناك صبي صغير يدعى عقبة يشاركها نفس المشاعر رغم اختلاف البقعة الجغرافية فهو أيضًا يودع أصدقاءه في المدرسة استعدادًا للعودة إلى سوريا التي لا يعرف عنها شيئًا سوى ما سمعه من والديه وما رآه على شاشة التلفاز ولكنه سيرجع مع والديه إلى وطنهم ومراتع طفولتهم .
وبينما اتنقل من مقطع لآخر قفز في رأسي حينها مقاطع الأطفال الذين ولدوا وخرجوا من سجون النظام البائد وكيف كانوا يظنون أن هذه السجون هي بيوتهم التي لا يريدون مغادرتها ولا يعلمون أن خارج تلك الأسوار تكون منازلهم وحياتهم الحقيقية.
أمر يراه الأهل بسيطًا وأن الوقت يمحو كل شيء متناسين أنهم عادوا بسبب تعلقهم بمنابت طفولتهم وغير مبالين بالانتماء الطفولي لأطفالهم الذين لما يدركوا معنى الهوية والانتماء بعد.