عندما يتحول الملاذ والملجأ الآمن لوحش قاتل و القلب الذي عادةً ما يفيض محبةً و حنان لصخرة، لقلب أسود من الليل، أقسى من الحجر، لا يحمل ذرة من الرحمة أو المحبة.
فوق أحد جسور مدينة بغداد العراقية الممتد على نهر دجلة تتسلل نسرين (21) عاما مختبئة تحت عباءتها السوداء، تحمل طفلاً و تجر الآخر من يده ثم ترمي بهم واحداً تلو الآخر في النهر دون أي تردد، لتكمل طريقها بعد أن تجردت من كل ما تعنيه الأمومة من معنى، بعد أن خذلت ثقتهما الفطرية لها وتخلت عنهما، بينما يلفظان الأنفاس و الشهقات و الصرخات الأخيرة أمي ..أمي .. فهي النجدة الوحيدة بالنسبة لهما، بدون أدنى فهم، كيف فعلت و لما .. وما الذنب ؟!
ليصبح والدهما راكعاً على ركبتيه على ضفاف النهر ينتظر انتشال جثتي طفليه ودموعه تجري كجريان نهر دجلة الذي جرف طفليه اللذان لم يتجاوزا الثلاثة سنوات، و هو يتأمل بحزن ما تبقى له من صور و ذكريات لطفليه في هاتف وكأنه يريد أن يخرجهما من الصور ليحتضنهما.
تعترف ” نسرين ” بفعلتها بعد أن تم القبض عليها مبينة هدفها الانتقام من طليقها الذي كسب منها حق حضانة الطفلان بعد 3 أشهر من انفصالها عنه.
لم تكن الجريمة الأولى من نوعها فقد سبقها الكثير من جرائم القتل أو التعذيب أو الاغتصاب، راح ضحيتها أطفال على يد آباء و أمهات نزعت من قلوبهم الرحمة و تجردوا من الإنسانية .. جرائم تفطر القلوب وتروع النفوس، أم تشنق طفلتها في الإسكندرية، وآخران في إسطنبول يعذبان طفلتهما ذات العام الواحد حتى الموت، وثالث يلقي بطفليه في نيل الدقهلية في مصر، ليرسموا مشاهد مأساوية لم يعتدها المجتمع، ويكشفوا عن سلوكيات خطيرة لابد من مراجعتها و دراستها حتي لا تتحول إلى ظاهرة تهدد المجتمع.
بقلم : سدرة فردوسي
المركز الصحفي السوري