هو فرع من فروع المعرفة يتناول المقارنة بين أدبين أو أكثر ينتمي كل منهما إلى أمة أو قومية غير الأمة أو القومية التي ينتمي إليها الأدب الآخر، وفي العادة إلى لغة غير اللغة التي ينتمي إليها أيضًا، وهذه المقارنة قد تكون بين عنصر واحد أو أكثر من عناصر أدب قوميٍّ ما ونظيره في غيره من الآداب القومية الأخرى، وذلك بغية الوقوف على مناطق التشابه ومناطق الاختلاف بين الآداب ومعرفة العوامل المسؤولة عن ذلك،كذلك فهذه المقارنة قد يكون هدفها كشف الصلات التي بينها، وإبراز تأثير أحدها في غيره من الآداب، وقد يكون هدفها الموازنة الفنية أو المضمونية بينهما، وقد يكون هدفها معرفة الصورة التي ارتسمت في ذهن أمة من الأمم عن أمة أخرى من خلال أدبها، وقد يكون هدفها هو تتبع نزعة أو تيار ما عبر,عدة أبواب,وميادين الأدب المقارن متعددة:
فقد يكون ميدانه المقارنة بين جنس أدبي، كالقصة أو المسرحية أو المقال أو المقامة أو القصيدة أو الملحمة، في أدبين مختلفين أو أكثر، وقد يكون ميدانه المقارنة بين الأشكال الفنية داخل جنس أدبي من هذه الأجناس في أدب ما ونظيراتها في أدب آخر، كنظام العروض والقافية أو الموشحات مثلًا، وقد يكون ميدانه الصور الخيالية؛ كالتشبيه والاستعارة والكناية والمجاز، وقد يكون ميدانه النماذج البشرية والشخصيات التاريخية في الأعمال الأدبية، وقد يكون ميدانه التأثير الذي يُحدثه كتاب أو كاتب ما في نظيره على الناحية الأخرى، أو مجرد الموازنة بينهما لما يلحظ من تشابههما ….وقد يكون ميدانه المقارنة بين المذاهب الأدبية؛ كالكلاسية والرومانسية والواقعية والرمزية والبرناسية هنا وهناك، وقد يكون ميدانه انعكاس صورة أمة ما في أدب أمة أو أمم أخرى..،وهكذا…
ومن الوظائف الأساسية التي جاء بها الأدب المقارن هو اكتشاف المؤثرات الخارجية في النّص الواحد والبحث وراء مكوناته للوصول إلى نقطة إلقاء بينه وبين نظيره في الآداب الأخرى. كما أنّه يعترف بعالمية الأدب، أي بوجود تفاعلات من نوع ما بين الآداب مباشرة أو غير مباشرة، ترتبط بفترة زمنية ما أو بفترات ما بين الآداب.
وهذا أدى إلى عالمية الأدب أي خروجه من نطاق اللّغة التي كتب بها إلى أدب أو لغة أو آداب لغات أخرى، أي خروج الآداب من قوميتها، وكان الألماني جوته دي ستايل ممن نادوا بعالمية الأدب، عندما نادوا بمجاوزة الآداب والوطنية
أهمية الأدب المقارن وغاياته العلمية
.
يعد الأدب المقارن ذلك العلم الذي يميز الشخصية القومية للأمة، ويوضح ملامحها توضيحا كاملا، وذلك بالتمييز بين نتاجها وتراثها الأصيل، وبين ما استعارته من التيارات الأدبية، والأجناس والمذاهب المختلفة. ونستطيع هنا أن نقف على جملة من الأهداف والغايات التي يحددها الأدب المقارن أولها: أنه هو العلم الذي يرسم الآداب في علاقاتها مع بعضها البعض، كما أنه يعتبر عاملا هاما في دراسة المجتمعات وتفهمها، ودفعها إلى التعاون.. وثانيها أنه يعين الأمة على تحديد تاريخها الأدبي بمعرفة قاطعة، ويوضح مدى صفاء أو اختلاط الآداب بغيرها أي يقف على التاريخ العام والخاص للمجتمع، من خلال تتبع المسار التاريخي للنّصوص الأدبية.
أما ثالث الأهداف والغايات فهو أنه يقوم على دراسات التيارات الفكرية والأدبية، ومذاهب الكتاب والمفكرين … كما أنّه يدرس الأجناس الأدبية من شعر وقصص … ويكشف الروابط والصلاة بين الآداب أي يتتبع تأثر وتأثير الآداب في بعضها. ورابعا وأخيرا أنه يبين أثر البيئات والأمكنة في اختلاف وتباين الآداب والأجناس الأدبية لجميع الأمم.
مجلة الحدث ..ريم حداد