ندّدت تركيا منذ يومين بتصريحات موفد أمريكي للتحالف الدولي ضد “تنظيم الدولة” الذي لمّح إلى احتمال أن تكون “أنقرة” قد أفسحت المجال لتشكيل معقل لتنظيم “القاعدة” قرب الحدود مع سوريا، وكان الموفد الأمريكي “ما كفورك” قد لمّح إلى ذلك بخطاب ألقاه في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، مشيراً إلى أن تركيا سمحت بطريقة غير مباشرة لفصائل مرتبطة بالقاعدة، مثل جبهة “فتح الشام” بالسيطرة على محافظة إدلب شمال سوريا.
قال “ما كفورك” إن إدلب تشكل مشكلة كبيرة وواشنطن ستناقش المسألة مع الأتراك، مما دفع الناطق باسم الرئاسة التركية “إبراهيم قالن” للتنديد بهذه التصريحات بشدة ووصف في مقابلة تلفزيونية، أن تلميحاً يربط بين تركيا والمنطقة الإرهابية في إدلب هو غير مقبول، مضيفاً أن تصريحات المسؤول الأمريكي لن تأتي بنية حسنة.
وأضاف: “أما المناطق القريبة من الحدود مع تركيا، فيقيم فيها عدد كبير من اللاجئين، لا سيما من تم إجلاؤهم من حلب (شمالاً)، وتركيا عملت وما زالت على تقديم المساعدات الإنسانية لهم”.
تصريحات استفزازية من شأنها أن تطرح تساؤلاً تلقائياً على الساحة الدولية، هل التوقيت يحتمل إثارة الاستفزاز بين تركيا وأمريكا بربط الثانية تركيا ومنظمات على صلة بالقاعدة؟.
علاقات تتوتر يوماً بعد يوم ما بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ربما يعود إلى أن تركيا غير مسرورة حيال التحالف الذي يجري بين أمريكا مع الأكراد التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي والقوى التي تسيطر على الأرض في الرقة.
تلك التحالفات من شأنها الطبيعي أن تخلق بعض الصعوبات وأن تظهر مشاكل على السطح بشكل مفاجئ، خاصة أن منطقة الشمال السوري منطقة حساسة جغرافياً بالنسبة لتركيا، لعلّ الولايات المتحدة سيكون من دواعي سرورها أن تتقلد تركيا مسؤولية أكبر في هذا الاتجاه.
أمّا السؤال المحيّر والممل في الوقت ذاته، متى ستنهي الولايات المتحدة الأمريكية التضارب والازدواجية بين أقوالها وأفعالها؟!.
منذ شهر حزيران وإلى الآن تم تقديم أكثر من 809 شاحنة تحوي السلاح إلى مجموعات مسلحة، تلك المجموعات التي ما لبثت تفتأ تركيا بوصفها بالإرهابية، فما هو السبيل من الإقناع الأمريكي لدولة تركية ثانية أقوى جيش في الناتو وثالث أقوى جيش في العالم.
ذاك ما يطبق المثل الشائع (الذي بيته من زجاج لا يرمي الآخرين بالأحجار) فأين هي دلالة النوايا الحسنة التي يضمرها المسؤول الأمريكي لتركيا؟.
ربما الهدف بات مكشوفاً وهو الضغط بعدة أوراق على تركيا ليكون هناك تعديل في مواقفها في جميع الملفات، والكل يعرف بأن سياسة أمريكا استعراضية، وبالتالي لا بد من أن تعيد أمريكا من حساباتها إذا أرادت ألا تخسر حليفاً استراتيجياً مثل تركيا، وألا تتعاون مع ميليشيات تعتبرها تركيا إرهابية، وأن تكفّ يدها عن المنطقة سواءً بتصريحات جوفاء أو دعم عسكري.. والمنطقة ستبقى بخير.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد